للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سنة ٧٠٢ هـ حيث لعب دورًا كبيرًا في انتصار المماليك على المغول في وقعة شقحب (١).

وقد أحب الذهبيُّ شيخَهُ ورفيقه وأُعجبَ به، فقال بعد أنْ مدحه مدحًا عظيمًا: "وهو أكبر من أنْ يُنَبِّه مِثْلي على نعوته، فلو حلفتُ بين الركن والمقام لحلفتُ: أني ما رأيتُ بعيني مثله، ولا واللّه ما رأى هو مثل نفسه في العلم" (٢) ولما مات رثاه بقصيدة (٣)، وذكر أن مصنفاته قد جاوزت الألف (٤)، وبالغ في ذِكْرِ مساوئ مَنْ حَطَّ عليه مثل الأمير سيف الدين تنكز (٥) نائب الشام.

ولم تكن محبة رفيقيه وإعجابهما بابن تيمية بأقلَّ من محبةِ الذهبيِّ له، بل ربما كان المزي أكثرهم إعجابًا ومحبة له مع أنه أكبر منه سنًا (٦).

ومع أن الذهبيَّ قد خالف رفيقه وشيخه "في مسائل أصلية وفرعية" (٧) وأرسل إليه نصيحته الذهبية (٨) التي يُقَرِّعُه ويلومُه وينتقدُ بعضَ أرائه وآراء أصحابه بها، إلا أنه بلا ريب قد تأثر به تأثرًا عظيمًا، بحيث قال تاج الدين السبكي المتوفى سنة ٧٧١ هـ: "إن هذه الرفقة: المزي والذهبي والبرزالي أضرَّ


(١) الذهبي: تاريخ الإسلام، الورقة ٣٣٤ فما بعد (أيا صوفيا ٣٠١٤)، الصفدي: أعيان العصر، ج ٨ الورقة ١ - ٧ (أيا صوفيا ٢٩٦٨)، ابن كثير: البداية، ج ١٤ ص ٩ فما بعد.
وينظر بحثي: "من محراب العلم إلى ميدان القتال"، مجلة الرسالة الإسلامية ببغداد ١٩٨٤.
(٢) ابن ناصر الدين: الرد الوافر، ص ٣٥، وقارن ابن حجر: الدرر، ج ١ ص ١٦٨ - ١٦٩.
(٣) ابن ناصر الدين: بديعة الزمان، الورقة ١٦٥، والرد الوافر، ص ٣٥ - ٣٦.
(٤) ابن ناصر الدين: الرد الوافر، ص ٣٥، وقارن ابن حجر: الدرر، ج ١ ص ١٦٠. وقال الصفدي: "ومن الذي يأتي على مجموعها! " وذكر منها جملة كبيرة (الوافي، ج ٥ ص ٢٣ - ٣٠).
(٥) ابن حجر: الدرر، ج ١ ص ٦١. وعاتب الذهبي تلميذه تاج الدين السبكي بسبب كلام وقع منه في ابن تيمية فاعتذر منه السبكي برسالة أرسلها إليه (ابن حجر: الدرر، ج ١ ص ١٦٩).
(٦) انظر أقوال المزي في ابن تيمية في كتاب الرد الوافر (ص ١٢٨ - ١٣٠) وأقوال البرزالي في الكتاب نفسه (ص ١١٩ - ١٢٣). وكان ابن تيمية شديد الإعجاب بالمزي، فلما باشر دار الحديث الأشرفية بعد الشريشي قال ابن تيمية: "لم يَلِهَا من حين بنيت إلى الآن أحق بشرط الواقف منه"، انظر: ابن كثير: البداية، ج ١٤ ص ٨٩، ابن حجر: الدرر، ج ٥ ص ٢٣٤، النعيمي: تنبيه، ج ١ ص ٣٥.
(٧) ابن حجر: الدرر، ص ١ ص ١٦٦.
(٨) الذهبي: النصيحة الذهبية لابن تيمية (دمشق ١٣٤٧ هـ).

<<  <  ج: ص:  >  >>