دورهم، وأخذ أبناءهم، وجعل أصحابه يحكون ما على الأساطين من الذهب اليسير، ويقلعون الشبابيك، فبلغهم قتل أبي السرايا، فأتى حسين إلى محمد بن جعفر الصادق - وكان شيخا فاضلا محببا إلى الناس - تاركا للخروج، قد روى العلم عن أبيه، فقال: قد تعلم حالك في الناس، فابرز نبايعك بالخلافة، فلا يختلف عليك اثنان، فأبى ذلك، فلم يزل به ابنه علي وحسين بن حسن حتى غلبا الشيخ على رأيه، فأقاموه يوم الجمعة في ربيع الآخر، فبايعوه، وحشروا الناس لمبايعته طوعا وكرها، فأقام كذلك أشهرا.
ووثب حسين على امرأة قرشية بارعة الحسن، فأخذها قهرا من بيت زوجها، وبقيت عنده أياما، ثم هربت. ووثب علي بن محمد على أمرد بديع الجمال، فأخذه من دارهم، وأركبه فرسه في السرج، وركب على الكفل، وذهب به في السوق حتى خرج به إلى بئر ميمون في طريق منى. فاجتمع أهل مكة والمجاورون، وغلقت الأسواق، وأتوا محمد بن جعفر، وقالوا: والله لنخلعنك، ولنقتلنك، أو لتردن هذا الغلام الذي أخذه ابنك جهرة، فقال: والله ما علمت، وأمر حسينا أن يذهب إلى ابنه، فقال: إنك والله لتعلم أني لا أقوى على ابنك، وأخاف محاربته، فقال محمد بن جعفر لأهل مكة: أمنوني حتى أركب إليه، فأمنوه فركب حتى صار إلى ابنه وأخذ الغلام فسلمه إلى أهله.
وبعد قليل أقبل إسحاق بن موسى بن عيسى بن موسى بن محمد العباسي فارا عن اليمن، لتغلب إبراهيم بن موسى بن جعفر عليها، فنزل المشاش؛ فاجتمع العلويون إلى محمد بن جعفر فقالوا: قد رأينا أن نخندق علينا بأعلى مكة، ثم حشدوا الأعراب، فقاتلهم إسحاق أياما، ثم كره الحرب وطلب العراق، فلقيه ورقاء بن جميل في جند، فقال: ارجع بنا إلى مكة، فرجع.
واجتمع إلى محمد غوغاء أهل مكة، وسودان أهل المياه والأعراب، فعبأهم ببئر ميمون، وأقبل ورقاء وإسحاق بن موسى بمن معهما من القواد، والجند فالتقوا، وقتل جماعة، ثم تحاجزوا؛ ثم التقوا من الغد، فانهزم محمد وأهل مكة، وطلب محمد الأمان، فأجلوه ثلاثا، ثم نزح عن مكة، ودخلها إسحاق وورقاء في جمادى الآخرة. وتفرق الطالبيون عن مكة كل قوم ناحية، فأخذ محمد ناحية جدة، ثم طلب الجحفة، فخرج عليه محمد بن حكيم من موالي آل العباس قد كان الطالبيون انتهبوا داره بمكة، وبالغوا في عذابه، فجمع