للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليّ بن المديني المتوفى سنة ٢٣٤ هـ فقال في ترجمة ابن المديني من الميزان: "ذكره العقيلي في كتاب الضعفاء فبئس ما صنع" ورد عليه حينما نقل قولَ عبد الله بن أحمد بن حنبل: "كان أبي حدثنا عنه، ثم أمسك عن اسمه … ثم ترك حديثه"، بقوله: "بل حديثه عنه في مسنده" وهذا رَدٌّ مفحمٌ من الذهبي، بل قال بعد ذلك: "وهذا أبو عبد الله البخاري - وناهيك به - قد شَحَنَ صحيحه بحديث ابن المديني" (١). ولا يقتصر الذهبيُّ في نقد الكتب على إيراد مساوئها، بل كثيرًا ما يذكر محاسنها ومميزاتها؛ فقد سبق أنْ قال إنَّ كتاب العقيلي مفيد (٢)، وقال عن كتاب "الكامل" لابن عدي المتوفى سنة ٣٦٥ هـ إنه "أكمل الكتب وأجملها في ذلك" (٣)، وقال في ترجمة الدارقطني المتوفى سنة ٣٨٥ هـ: "وإذا شئتَ أنْ تتبين براعةَ هذا الإمام الفرد فطالع العلل له فإنك تندهش ويطول تعجبك" (٤).

ونحن نعلم أيضًا أن الذهبيَّ قد عانى في تآليف خاصة رَدَّ بها على كتب معينة، فقد ألف كتابًا في الرد على ابن القطان المتوفى سنة ٦٢٨ هـ (٥). كما ألف كتاب "مَنْ تُكُلِّمَ فيه وهو مُوَثَّقٌ" رَدَّ به على جملة من كتب الضعفاء.

وبسبب هذا الذي قدمنا ذكره من براعة الذهبي في النقد والتمكن منه، فقد أصبح "شيخَ الجرح والتعديل" كما ذكر تاج الدين السبكي (٦). وقال ابن ناصر الدين المتوفى سنة ٨٤٢ هـ: "ناقد المحدثين وإمام المعدلين والمجرحين … وكان آيةً في نقد الرجال، عمدةً في الجرح والتعديل" (٧)، وقال شمس الدين السخاوي المتوفى سنة ٩٠٢ هـ: "وهو من أهل الاستقراء التام في نقد الرجال" (٨)، فأصبحت أقوالُ الذهبيِّ فيمن يترجمُ لهم تُعتبرُ عند النقاد


(١) ميزان الاعتدال، ج ٣ ص ١٣٨ - ١٤٠.
(٢) المصدر نفسه، ج ١ ص ٢.
(٣) المصدر نفسه، ج ١ ص ٢.
(٤) تذكرة الحفاظ، ج ٣ ص ٩٩٣ - ٩٩٤.
(٥) الذهبي: الرد على ابن القطان، (نسخة الظاهرية، مجموع رقم ٧٠).
(٦) الطبقات، ج ٩ ص ١٠١.
(٧) الرد الوافر، ص ٣١.
(٨) الإعلان، ص ٧٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>