للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يسمى كاتبًا. وجماعة من الملوك قد أدمنوا في كتابة العلامة وهم أميون، والحُكْمُ للغَلَبةِ لا للصورة النادرة، فقد قال : "إنَّا أمةٌ أمية" أي أكثرهم كذلك لندور الكتابة في الصحابة، وقال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ (٢)(١) [الجمعة] وقال في موضع آخر معقبًا على هذه المسألة أيضًا: "قلتُ: وما المانعُ من جوازِ تعلم النبيِّ يَسيرَ الكتابةِ بعد أنْ كان أميًا لا يدري ما الكتابة، فلعله لكثرةِ ما أملى على كتاب الوحي وكتاب السنن والكتب إلى الملوك عَرَفَ من الخَطِّ وفهمه وكتبَ الكلمةَ والكلمتين كما كتبَ اسمه الشريف يوم الحديبية محمد بن عبد الله، وليست كتابتُه لهذا القَدْرِ اليسيرِ ما يُخْرِجُه من كونِه أميًا ككثييرٍ من الملوك أميين ويكتبون العلامة" (٢). ومثل هذا كثير في كتب الذهبي.

وقد حفظنا من سيرة الذهبي أنه كان حنبليَّ العقيدةِ قد أثَّرَتْ فيه البيئةُ الدمشقيةُ وصُحْبَتُه لشيخِ الإسلام ابن تيمية. ومع أن الذهبي لم يكن متحمسًا للخوض في مضايق العقائد ويعتبر السكوت فيها أوْلى وأسلم (٣)، لكنه في الوقت نفسه أبدى آراءه في كثير من المواضع، وألف فيها. وقد اعتبر "الاعتزال بدعة" (٤) وهاجم الفلاسفة اليونانيين هجومًا عنيفًا (٥). وكان على غايةٍ من الإعجاب بأعمالِ السلف وإنجازاتهم (٦)، واهتم اهتمامًا كبيرًا بذكر أخبار العلماء في المحنة التي أُصيبوا بها حينما أعلن المأمونُ رأيه وألزم الناس القولَ بخلقِ القرآن، وبَيَّنَ مواقفهم الجريئة من هذا الأمر (٧).

لقد اختصر الذهبيُّ عددًا من الكتب المهمة في العقائد منها - مثلًا - كتاب "البعث والنشور" وكتاب "القدر" اللذان للبيهقي المتوفى سنة ٤٥٨ هـ، وكتاب "الفاروق في الصفات" لشيخ الإسلام الأنصاري المتوفى سنة ٤٨١ هـ، وكتاب


(١) الذهبي: تذكرة، ج ٣ ص ١١٨١ - ١١٨٢.
(٢) المصدر نفسه، ج ٢ ص ٧٤٢.
(٣) تذكرة، ج ٢ ص ٦٠٠، ج ٤ ص ١٤٩٩.
(٤) انظر مثلا تذكرة الحفاظ، ج ٣ ص ١١٢٢.
(٥) أهل المئة فصاعدًا، ص ١١٥.
(٦) تذكرة الحفاظ، ج ٢ ص ٦٢٧ - ٦٢٨.
(٧) انظر مثلًا تذكرة، ج ١ ص ٤٧٦، ٤٧٧، ٥٦١، ٥٨٩، ج ٢ ص ٧٣٠، ٧٣٣، ٧٤٧، .. إلخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>