للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخصوص: المزي والبرزالي والذهبي والشيخ الإمام الوالد، لا خامس لهؤلاء في عصرهم … وأما أستاذنا أبو عبد الله فنضيرٌ لا نظيرَ له، وكبير (١) هو الملجأ إذا نزلت المعضلة، إمامُ الوجود حفظًا، وذَهَبُ العصر معنىً ولفظًا، وشيخ الجرح والتعديل ورجل الرجال في كل سبيل … وهو الذي خرَّجَنا في هذه الصناعة، وأدْخَلَنا في عداد الجماعة" (٢)، وقال أيضًا: "وسمع منه الجمعُ الكثير. وما زال يخدم هذا الفن إلى أنْ رسخت فيه قَدَمُه، وتَعب الليلُ والنهار وما تعبَ لسانُه وقلمه، وضُربت باسمه الأمثالُ وسار اسمه مسيرَ لقبه الشمس إلا أنه لا يتقلصُ إذا نزل المطر، ولا يُدْبرُ إذا أقبلت الليالي. وأقام بدمشق يرحل إليه من سائر البلاد وتناديه السؤالات من كل نادٍ" (٣) ووصفه تلميذه الحسيني المتوفى سنة ٧٦٥ هـ بأنه "الشيخ الإمامُ العلامة شيخ المحدثين قدوة الحفاظ والقراء محدث الشام ومؤرخه ومفيده" (٤). وقال في موضع آخر: "وكان أحد الأذكياء المعدودين والحفاظ المبرزين" (٥). وقال تلميذه عماد الدين بن كثير المتوفى سنة ٧٧٤ هـ: "الشيخ الحافظ الكبير مؤرخ الإسلام وشيخ المحدثين … وقد ختم به شيوخ الحديث وحفاظه" (٦). وحينما قدم


(١) في المطبوع من الطبقات الكبرى "فبصر" و"كنز" وهما مصحفتان، والذي أثبتناه مجود التقييد في مشيخة التاج السبكي، وهي أصل في التقييد لأن ناسخها قرأها على التاج السبكي نفسه، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ، وأما قوله "نضير" فمعناه: نعمة. وقد أورد صديقنا العلامة الشيخ عبد الفتاح أبو غدة يرحمه الله هذه العبارة في مقدمته لكتاب "ذكر من يعتمد قوله في الجرح والتعديل" ص ١٤٥ فجعلها: "فبحر لا نظير له وكنز" وعلق عليها في الحاشية فقال: "هذا هو الصواب في هذه الكلمة. وقد وقعت محرفة على أنحاء شتى ومَرَّ عليها محققون أفاضل"، وأطال النفس فيها - كعادته في تعليقاته النفيسة - يرحمه الله - وذكر عشرة ممن استشهد بها. واستدل على صحة عبارته بورودها في "جلاء العينين بمحاكمة الأحمدين لنعمان الآلوسي" ص ٣٢. وعندي أن صديقنا العلامة طيب الله ثراه قد وقع بما وقع فيه غيره فتحرفت عنده مثلما هي محرفة في "جلاء العينين"، ويلاحظ أن الألفاظ "بصر" و"نضر" و"نضير" أكثر قربًا من "بحر"، وينظر بلابد تعليقنا على مشيخة السبكي (بتحقيقنا).
(٢) الطبقات، ج ٩ ص ١٠٠ - ١٠١.
(٣) المصدر نفسه، ج ٩ ص ١٠٣.
(٤) ذيل تذكرة الحفاظ، ص ٣٤.
(٥) المصدر نفسه، ص ٣٦.
(٦) البداية والنهاية، ج ١٤ ص ٢٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>