للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آبائهم، ولم يشذ عن هذه القاعدة إلا في تقديمه مَن اسمُه أحمد في حرف الألف (١)، في حين لم يلتزم ابن الجوزيِّ بهذا الترتيب التزامًا كاملًا، فإذا أرجعنا تقديمَ ابن الجوزيِّ لمن اسمه عمر على من اسمه عثمان، وذكره لمن اسمه علي بعد مَن اسمه عثمان مباشرة إلى احترامِه للخلفاءِ الراشدين (٢)، فإننا لا نستطيعُ تفسيرَ تقديمِ مَن اسمُه عليّ على مَن اسمُه العباس (٣)، وذكر من اسمه عبيد الله بعد من اسمه عبد الله ثم ذكر العبادلة الآخرين (٤) - مثلًا - إلا بعدم التزامه الكامل بالترتيب المعجمي. ومع أن ابنَ الجوزيِّ قد ألزم نفسه بترتيب الآباء في الأسماء المَتشابهة على حروف المعجم كما يبدو فإنه لم يضبط ذلك (٥)، علمًا أنه أهملَ ترتيبَ الأسماء بعد الآباء إهمالًا تامًّا. ولعل عدم عناية ابن الجوزي بضبط الترتيب يعودُ إلى قلة عدد المترجَمين في السنة الواحدة حيث لا يزيدُ معدل ما يذكر في السنة الواحدة عن عشر تراجم في حين يبلغ معدل ما يذكره الذهبي قرابة الستين ترجمة.

ولعلَّ من المشاكلِ الرئيسة التي جابهت مؤلفي كتب التراجم في التنظيم الداخلي لكتبهم، ومنهم الذهبي، هو التشابهُ بين أسماء المترجَمين لا سيما إذا كانوا متعاصرين، ولذلك سعى الذهبي دائمًا إلى التنبيه على مثل هذا التشابه خوف الخلط بينهم نحو قوله في آخر ترجمة علي بن زياد التونسي من أهل


(١) اعتاد كثير من مؤلفي كتب التراجم المرتبة على حروف المعجم ملاحظة بعض الاعتبارات في الترتيب، منها مثلًا تقديم من اسمه محمد على جميع الكتاب، أو حرف الميم منه تيمنًا وتبركًا واحترامًا للنبي وتقديم عمر على عثمان وذكر علي بعد عثمان مباشرة في حرف العين احترامًا وتقديرًا للخلفاء الراشدين ، وهي من العادات المعروفة عندهم منذ القديم حيث قدم البخاري "المحمدين" في كتابه "التاريخ الكبير". وممن اتبع هذه الطريقة ابن الدبيثي في تاريخه والصفدي في الوافي (انظر بحثنا: أصالة الفكر التاريخي ص ٢٩ ومقدمتنا لتاريخ بغداد لابن الدبيثي ص ٣٤). ولا نعتقد أن تقديم الذهبي "الأحمدين" من هذا النمط، فهي عادة متبعة عند معظم واضعي التراجم على حروف المعجم.
(٢) ابن الجوزي: المنتظم، مثلًا ج ٧ ص ٤٠، ٤٤ - ٤٥، ١٣٠، ٢١١ … إلخ.
(٣) المصدر السابق، مثلًا ج ٧ ص ٧٢ - ٧٣.
(٤) المصدر السابق، مثلًا ج ٧ ص ١٢٨، ١٣٩، ١٤٣، ١٥٤، ١٩٣، ٢٠٧، ٢٤١ .. إلخ.
(٥) أمثلة ذلك كثيرة؛ فانظر عن مثل هذه الاختلافات في المنتظم، مثلًا: ج ٧ ص ١٥٠، ج ٨ ص ٤٦، ج ٩ ص ٥٤، ٥٥، ٦٠، ٧٨، ١٠١ - ١٠٢، ١١٨، ١١٩، ١٢٩، ١٧٩، ١٨٢ وغيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>