للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبادَه بصلةِ قراباتِ أنفسِهم وأرحامِهم من قِبَلِ آبائِهم وأمهاتِهم؛ وذلك أن اللَّهَ ﷿ عَقَّب ذلك عَقيبَ حَضَّه عبادَه على بِرِّ الآباءِ والأمَّهات، فالواجبُ أن يكونَ ذلك حَضًّا على صلةِ أنسابِهم دونَ أنسابِ غيرهم التي لم يجرِ لها ذِكرٌ.

وإذا كان ذلك كذلك، فتأويلُ الكلامِ: وأعطِ يا محمدُ ذا قرابتِك حقَّه من صلتِك إياه، وبرِّك به، والعطفِ عليه.

وخرَج ذلك مخرج الخطابِ لنبيِّ اللهِ ، والمراد بحُكمِه جميعُ مَن لزِمَتْه فرائضُ اللهِ، يدلُ على ذلك ابتداؤُه الوصيةَ بقولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا﴾. فوجَّه (١) الخطابَ بقولِه: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ﴾. إلى نبيِّ اللهِ ، ثم قال: ﴿أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ﴾. فرجَع بالخطابِ (٢) به إلى الجميعِ، ثم صرَف الخطابَ بقولِه: ﴿إِمَّا يَبْلُغَنَّ (٣) عِنْدَكَ الْكِبَرَ﴾. إلى إفرادِه به، والمعنى بكلِّ ذلك جميعُ مَن لزِمَتْه فرائضُ الله ﷿؛ أفرِد بالخطابِ رسولَ اللهِ وحدَه، أو عُمَّ به هو وجميعُ أمتِه.

وقولُه: ﴿وَالْمِسْكِينَ﴾. وهو ذو (٤) الذلَّةِ مِن أهلِ الحاجةِ - وقد دَلَّلنا فيما مضَى على معنى "المسكينِ" بما أغنَى عن إعادتِه في هذا الموضِعِ (٥) - ﴿وَابْنَ السَّبِيلِ﴾: يعنى المسافرَ المُنقطَعَ به. يقولُ اللهُ تعالى ذكرُه: وصِلْ قرابتَك، وأعطِه حقَّه من صلتِك إياه، [والمسكينَ] (٦) ذا الحاجةِ، والمجتازَ بك المُنقَطَعَ به، فأَعِنْه، وقوِّه


(١) في ص، ت ٢: "فوحد"، وفى ف: "فوخذ".
(٢) في ص، ت ٢، ف: "الخطاب".
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "يبلغان"، وهى قراءة متواترة كما تقدم في ص ٥٤٤.
(٤) سقط من: م.
(٥) بعده في م: "وقوله". وينظر ما تقدم في ٢/ ١٩٣.
(٦) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "فالمسكين".