للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُعْجِبُهُ السَّخُونُ (١) والعَصِيدُ (٢) … والتَّمْرُ حُبًّا ما لَهُ مَزيدُ

فقال: حُبًّا؛ لأن في قولِه: يُعْجِبُه. معنى يُحِبُّ. فأخرج قوله: حُبًّا. من معناه دونَ لفظِه.

وقولُه: ﴿كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا﴾. فإن القرأةَ اختلَفت فيه، فقرَأه بعضُ قرَأةِ المدينةِ وعامةُ قرأةِ الكوفةِ: ﴿كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا﴾ على الإضافةِ (٣) بمعنى: كلُّ هذا الذي ذكَرنا من هذه الأمورِ التي عدَّدْنَا من مُبْتدأِ قولِنا: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ﴾. إلى قولنا: ﴿وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا﴾. ﴿كَانَ سَيِّئُهُ﴾. يقولُ: سيئُ ما عدَّدْنا عليك عندَ ربِّك مكروهًا. وقال قارئو هذه القراءةِ: إنما قيل: ﴿كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ﴾ بالإضافة؛ لأن فيما عدَّدْنا من قوله: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ﴾. أمورًا، هي أمرٌ بالجميل، كقوله: ﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾. وقولُه: ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ﴾. وما أشبَه ذلك. قالوا: فليس كلُّ ما فيه نهيًا عن سيئةٍ، بل فيه نهىٌ عن سيئةٍ، وأمرٌ بحسناتٍ، فلذلك قرَأنا: ﴿سَيِّئُهُ﴾.

وقرأ عامةُ قرأةِ أهلِ المدينةِ والبصرةِ وبعضُ قرأةِ الكوفةِ: (كُلُّ ذلكَ كانَ سَيِّئَةً) (٤). وقالوا: إنما عَنى بذلك: كلُّ ما عدَّدْنا من قولِنا: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ﴾. ولم يَدخُل فيه ما قبلَ ذلك. قالوا: وكلُّ ما عدَّدْنا من ذلك الموضعِ


(١) السَّخُون من المرق: ما يُسخن. لسان العرب (س خ ن).
(٢) العصيدة: دقيق يلت بالسمن و يطبخ. لسان العرب (ع ص د).
(٣) هي قراءة ابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي. السبعة ص ٣٨٠، والكشف عن وجوه القراءات ٢/ ٤٦، ٤٧، والتيسير ص ١١٤.
(٤) هي قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو. وانظر المصادر السابقة.