للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- فغيرُ جائزةٍ القراءةُ به لمخالفتِه القراءةَ الجائيةَ مَجِئَ الحُجَّةِ، بنقلِ مَن لا يَجوزُ عليه -فيما نقَلوه مُجْمِعِين عليه- الخطأُ والسَّهْوُ والكذبُ.

وأما تأويلُ: ﴿تَشَابَهَ عَلَيْنَا﴾ فإنه يعنى به: الْتَبَس علينا.

والقَرَأَةُ مختلفةٌ في تِلاوتِه؛ فبعضُهم كانوا يَتْلُونه: ﴿تَشَابَهَ عَلَيْنَا﴾.

بتخفيفِ الشينِ ونصبِ الهاءِ على مثالِ "تَفَاعَلَ" ويُذَكِّرُ الفعلَ وإن كان البقرُ جِماعًا؛ لأن مِن شأنِ العربِ تَذْكيرَ كلِّ فعلِ جمعٍ كانت واحدتُه بالهاءِ، وجمعُه بطرحِ الهاءِ وتأنيثَه، كما قال اللهُ تعالى في نظيرِه في التَّذْكيرِ: ﴿كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ﴾ [القمر: ٢٠]. فذكَّر "المُنْقَعِرَ"، وهو مِن صفةِ "النخلِ" لتذكيرِ لفظِ "النخلِ". وقال في موضعٍ آخرَ: ﴿كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ﴾ [الحاقة: ٧]. فأنَّث "الخاويةَ" وهى مِن صفةِ النخلِ -بمعنى النخلِ؛ لأنها وإن كانت في لفظِ الواحدِ المذكرِ -على ما وصَفْنا قبلُ- فهى جِماعُ نخلةٍ.

وكان بعضُهم يَتْلُوه: (إنَّ البقَرَ تَشَّابَهُ علينا) (١). بتشديدِ الشين وضمِّ الهاءِ، فيُؤَنِّثُ الفعلَ بمعنى تأنيثِ "البقرِ"، كما قال: ﴿أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ﴾. ويُدْخِلُ في أولِ "تَشَابَه" تاءً تَدُلُّ على تأنيثِها، ثم تُدْغَمُ التاءُ الثانيةُ في شينِ "تَشَابَهَ"؛ لتَقارُبِ مَخْرَجِها ومَخْرَجِ الشينِ، فتَصِيرُ شِينًا مُشَدَّدةً، وتُرْفَعُ الهاءُ بالاستقبالِ والسلامةِ مِن الجَوازمِ والنَّواصبِ.

وكان بعضُهم يَتْلُوه: (إنَّ البقَرَ يَشَّابَهُ علينا) (٢). فيُخْرِجُ "يَشَّابَه" مُخْرَجَ الخبرِ عن الذَّكَرِ؛ لِما ذكَرْنا مِن العلةِ في قراءةِ مَن قرَأ ذلك: ﴿تَشَابَهَ﴾ بالتخفيفِ،


= البقر، ثم عقدوا في أذنابها وبين عراقيبها، السَّلَع والعُشَر، ثم صعدوا بها في جبل وعْر، وأشعلوا فيها النيران، وضجوا بالدعاء والتضرع، فكانوا يرون أن ذلك من أسباب السقيا. الحيوان ٤/ ٤٦٦.
(١) هى قراءة الأعرج، ورويت عن الحسن. البحر المحيط ١/ ٢٥٤.
(٢) هى قراءة ابن مسعود. السابق.