للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مرَّةٍ (١)، ومعلومٌ أن اللَّهَ لم يأمُرْه أن يستغفِرَه إلا لِمَا يغفِرُه له باستغفارِه ذلك، فبَيِّنٌ إذن وجهُ فسادِ ما قاله مجاهدٌ.

حدَّثنا ابن وكيعٍ، قال: ثنا أبي، عن الأعمشِ، عن شِمْرِ بن (٢) عطيةَ، عن شهرٍ، عن أبي أُمامةَ، قال: إنما كانت النافلةُ للنبيِّ خاصةً (٣).

حدَّثنا ابن عبدِ الأعلى، قال: ثنا محمدُ بنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ: ﴿نَافِلَةً لَكَ﴾. قال: تطوُّعًا وفضِيلةً لك (٤).

وقولُه: ﴿عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا﴾. و "عسى" من اللَّهِ واجبةٌ، وإِنَّما وجْهُ قولِ أهلِ العلمِ: "عسى" من اللَّهِ واجبةٌ؛ لعلمِ المؤمنين أن اللَّهَ لا يدَعُ أن يفعلَ بعبادِه ما أطمَعهم فيه من الجزاءِ على أعمالِهم والعِوضِ على طاعتِهم إيَّاه؛ إذْ (٥) ليس من صفتِه الغرورُ، ولا شكَّ أنه قد أطمَع من قال ذلك له في نفعِه، إذا هو تعاهَده ولزِمَه، فإن لزِم المقولُ ذلك له وتعاهَدَه ثم لم ينفَعْه، ولا سببَ يحولُ بينَه وبينَ نفعِه إيَّاه، مع الإطماعِ الذي تقدَّم منه لصاحِبِه على تعاهُدِه إيَّاه ولزُومِه، فإنَّه لصاحبِه غارٌّ بما كان من إخلافِه إيَّاه فيما كان أطمَعه فيه بقولِه الذي قال له. وإذ كان ذلك


(١) أخرجه ابن أبي شيبة ١٠/ ٢٩٧، ٢٩٨، وأحمد ٨/ ٣٥٠ (٤٧٢٦)، والبخاري في الأدب المفرد (٦١٨)، وعبد بن حميد (٧٨٦) وأبو داود (١٥١٦)، وابن ماجه (٣٨١٤)، والترمذي (٣٤٣٤)، وابن حبان (٩٢٧) من حديث ابن عمر.
(٢) في النسخ: "عن". وتقدم.
(٣) أخرجه أحمد ٥/ ٢٥٦، والطبراني (٧٥٦١) من طريق وكيع به، وأخرجه الطيالسي (١٢٣١)، وأحمد ٥/ ٢٥٥، والبيهقي في الشعب (٢٧٧٩)، والخطيب ٨/ ٤٥٢ من طريق أبى غالب، عن أبي أمامة. وعزاه السيوطي في الدر المنثور إلى ابن نصر وابن مردويه.
(٤) تفسير عبد الرزاق ١/ ٣٨٦ عن معمر به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ١٩٦ إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم ومحمد بن نصر.
(٥) زيادة يستقيم بها السياق.