للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وغير ذلك من نعمِنا، أعرَض عن ذكِرنا، وقد كان بنا مُستغيثًا دونَ كلِّ أحدٍ سوانا في حالِ الشِّدَّةِ التي كان فيها، ﴿وَنَأَى بِجَانِبِهِ﴾. يقولُ: وبعُد منا بجانبِه، يعني: بنفسِه، كأنْ لم يَدْعُنا إلى ضرٍّ مَسَّه قبلَ ذلك.

كما حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن مجاهدٍ في قولِه: ﴿وَنَأَى بِجَانِبِهِ﴾. قال: تباعَدَ منا (١).

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حجاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ مثلَه.

والقرَأةُ (٢) على تصييرِ الهمزةِ في: ﴿وَنَأَى﴾ قبلَ الألفِ، وهى اللغةُ الفصيحةُ، وبها نقرَأُ.

وكان بعضُ أهلِ المدينةِ يقرأُ ذلك: (وَنَاءَ). فيُصِيِّرُ الهمزةَ بعدَ الألفِ (٣).

وذلك وإن كان لغةً جائزةً قد جاءت عن العربِ بتقدِيمِهم في نظائرِ ذلك الهمزَ في موضعٍ (٤) هو فيه مؤخَّرٌ، وتأخيرهموه في موضعٍ هو مقدَّمٌ، كما قال الشاعرُ (٥):

[أغلامٌ مُعَلَّلٌ] (٦) رَاءَ رُؤْيا … فهْوَ يَهْذِى بما رأى فِي المنَامِ


(١) تفسير مجاهد ص ٤٤١. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ١٩٩ إلى المصنف وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٢) في م: "القراءة".
(٣) قراءة متواترة، قرأ بها أبو جعفر المدنى - من العشرة - وابن ذكوان عن ابن عامر الدمشقي - من السبعة. النشر ٢/ ٢٣١.
(٤) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ف.
(٥) ذكره الطوسى في التبيان ٦/ ٥١٤ قال: وأنشد المبرد حاكيا عن أبي عبيد.
(٦) في النسخ: "أعلام يقلل". والمثبت من التبيان.