للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المزمل: ٤]: تفسيره.

حدَّثنا الحسنُ، قال: أخبرَنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبَرنا الثوريُّ، عن عبيدٍ، عن مجاهدٍ قولَه: ﴿لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ﴾: على تُؤَدةٍ (١).

وفى "المُكْثِ" للعربِ لغاتٌ: مُكْثٌ، ومَكْثُ، ومِكْثٌ، ومِكِّيثَى مقصورٌ، ومُكْثانًا، والقراءةُ بضمِّ الميم.

وقوله: ﴿وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: فرَّقنا تنزيلَه، وأنزَلناه شيئًا بعدَ شيءٍ.

كما حدَّثني يعقوبُ، قال: ثنا ابن عليه، قال: حُدِّثْنا عن أبي رجاءٍ، قال: تلا الحسن: ﴿لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا﴾. قال: كان الله ينزِّلُ هذا القرآنَ بعضَه قبلَ بعضٍ، لِمَا علِم أنَّه سيكونُ ويحدُثُ في الناسِ، لقد ذُكر لنا أنَّه كان بينَ أوّلِه وآخرِه ثمانىَ عشْرةَ سنةً. قال: فسألتُه يومًا على سُخطةٍ، فقلتُ: يا أبا سعيد: (وقُرآنًا فَرَّقْناه). فثقَّلَها أبو رجاءٍ، فقال الحسنُ: ليس (فَرَّقْناه) ولكن ﴿فَرَقْنَاهُ﴾. فقرَأ الحسنُ مخفَّفةً. قلتُ: مَن يُحدَّثك هذا يا أبا سعيدٍ؟ أصحابُ محمدٍ؟ قال: فمَنْ يُحدِّثُنيه؟! قال: أُنزِل عليه بمكةَ قبلَ أن يُهاجرَ إلى المدينةِ ثمانىَ سنين، وبالمدينةِ عشْرَ سنين.

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا﴾: لم ينزَّلْ في ليلةٍ ولا ليلتين، ولا شهرٍ ولا شَهرين، ولا سنةٍ ولا سنتين، ولكنْ كان بين أوَّلِه وآخِرِه عشرون سنةً، وما شاء الله مِن ذلك (٢).


(١) تفسير عبد الرزاق ١/ ٣٩١.
(٢) أخرجه ابن الضريس في فضائله (١٢٥) من طريق يزيد به.