للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

داودُ بنُ الحُصينِ، عن عكرمةَ، عن ابن عباسٍ، قال: كان رسولُ اللهِ إذا جهرَ بالقرآنِ وهو يُصلِّى تفرَّقوا وأبَوْا أن يَسْتَمِعوا منه، فكان الرجلُ إذا أراد أن يَسْتمِعَ من رسولِ اللهِ بعضَ ما يتلُو وهو يُصلِّى، استرَق السمعُ دونَهم فَرَقًا منهم، فإن رأَى أنَّهم قد عرَفوا أنه يَستمِعُ، ذهَب خشيةَ أذاهم فلم يَسْتَمِعه، فإن خفَض رسولُ اللهِ صوته، لم يستمع الذين يستمعون من قراءته شيئًا، فأَنزَلَ اللهُ عليه: ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ﴾ فيتفرَّقوا عنك، ﴿وَلَا تُخَافِتْ بِهَا﴾ فلا تُسْمِعَ مَن أراد أن يَسمَعَها ممن يسترِقُ ذلك دونَهم، لعلَّه يَرْعَوِى إلى بعضِ ما يَسْمَعُ فيَنْتَفِعَ به، ﴿وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا﴾ (١).

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا يعقوبُ، عن جعفرٍ، عن سعيدٍ، قال: كان النبيُّ يجهَرُ بقراءةِ القرآنِ في المسجدِ الحرامِ، فقالتْ قريشٌ: لا تجهَرْ بالقراءةِ فتُؤْذِيَ آلهتَنا فنهجُو ربَّك. فأنزَل اللهُ: ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا﴾ الآية (٢).

حدَّثني يعقوبُ، قال: ثنا هشيمٌ، قال: أخبَرنا أبو بشرٍ، عن سعيدِ بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ في قولِه: ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا﴾. قال: نزَلت على رسولِ اللهِ وهو مُخْتفٍ بمكةَ، فكان إذا صلَّى بأصحابِه رفَع الصوتَ بالقرآنِ، فإذا سمِعه المشرِكون سبُّوا القرآنَ ومَن أنزَله ومَن جاء به، فقال اللهُ لنبيِّه: ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ﴾. أي: بقراءتِك، فيسمَعَ المشركون فيسُبُّوا القرآنَ، ﴿وَلَا تُخَافِتْ


(١) أخرجه ابن إسحاق من كتاب المبتدأ والمبعث ص ١٨٦، ومن طريقه أخرجه الطبراني (١١٥٧٤)، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٢٠٦، إلى ابن مردويه.
(٢) أخرجه الترمذى (٣١٤٥)، من طريق شعبة عن جعفر أبى بشر به، ووقع في سنن الترمذى (عن سعيد عن ابن عباس موصولا) وهو خطأ فالحديث وصل من رواية ابن جبير عن النبي ؛ كما في تحفة الأحوذي ٤/ ١٣٩، وتحفة الأشراف ٤/ ١٧٩٧ (٥٤٥١).