للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَذِبًا (٥)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ويحذِّرُ (١) أيضًا محمدٌ القومَ الذين قالوا: اتَخَذَ اللهُ ولدًا من مشرِكي قومِه وغيرِهم، بأسَ اللهِ وعاجلَ نِقمَتِه وآجلَ عذابِه، على قيلِهم ذلك.

كما حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاقِ: ﴿وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا﴾: يعنى قريشًا في قولِهم: إنما نعبُدُ الملائكةَ، وهنَّ بناتُ اللهِ (٢).

وقولُه: ﴿مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ﴾. يقولُ: ما لقائلي هذا القولِ - يعنى قولَهم: ﴿اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا﴾ - ﴿بِهِ﴾ يعني: باللهِ، ﴿مِنْ عِلْمٍ﴾.

والهاءُ في قولِه: ﴿بِهِ﴾. من ذكْرِ اللهِ، وإنما معنَى الكلامِ: ما لهؤلاء القائلين هذا القولَ باللهِ - أنه (٣) يجوزُ أن يكونَ له ولدٌ - من علمٍ، فلجهلِهم باللهِ وعظمتِه قالوا ذلك.

وقولُه: ﴿وَلَا لِآبَائِهِمْ﴾. يقولُ: ولا لأسلافِهم الذين مضَوا قبلَهم على مثلِ الذي هم عليه اليومَ، كان لهم باللهِ وبعظمتِه علمٌ.

وقولُه: ﴿كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ﴾. اختلَفتِ القَرأَةُ في قراءةِ ذلك؛ فقرَأتْه عامةُ قرأةِ المدنيين والكوفيين والبصريين: ﴿كَبُرَتْ كَلِمَةً﴾. بنصبِ ﴿كَلِمَةً﴾. بمعنى: كبُرَت كلِمتُهم التي قالُوها كلِمةً. على التَّفسيرِ (٤). كما يُقالُ: نعم رجلًا عمرٌو، ونعمَ الرجلُ رجلًا قام، ونعمَ رجلًا قام.


(١) في ت ١، ت ٢، ف: "يحذركم".
(٢) سيرة ابن هشام ١/ ٣٠٢.
(٣) بعده في النسخ: "لا"، والمثبت ما يقتضيه السياق.
(٤) يريد بالتفسير هنا: التمييز. وينظر المصطلح النحوى ص ١٦٤.