للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالوا: ماذا تجدُ؟ قال: أجدُ في نفسى أنَّ ربِّي ربُّ السماوات والأرض. [وقالوا: نحن نجدُ] (١). فقاموا جميعًا فقالوا: ﴿رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ] (٢) لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا﴾، فاجتمعوا أن يدخلوا الكهف، وعلى مدينتهم إذ ذاك جبَّارٌ، يُقال له: دقيانوسُ. فلبثوا في الكهف ثلاثمائةٍ سنين وازدادوا تسعًا، رُقَّدًا (٣).

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سَلَمةُ، عن عبد العزيز بن أَبِي رَوَّادٍ، عن عبدِ اللَّهِ بن عُبيدِ بن عُميرٍ، قال: كان أصحابُ الكهف فتيانًا مُلوكًا مُطَوَّقين مُسَوَّرين، ذوى ذوائب، وكان معهم كلبُ صَيْدِهم، فخرجوا في عيدٍ لهم عظيمٍ في زيٍّ ومَوْكِبٍ (٤)، وأخرجوا معهم آلهتهم التي يعبُدُون، وقذَف الله في قلوبِ الفِتيةِ الإيمان فآمَنوا، وأخْفَى كلُّ واحدٍ (٥) منهم الإيمان عن صاحبه، فقالوا في أنفسهم، من غير أن يَظْهَرَ إيمانُ بعضهم لبعضٍ: نخرُجُ مِن بين أظْهُرِ هؤلاء القوم، لا يُصيبُنا عقابٌ بجُرمِهم. فخرَج شابٌّ مِنهم حتى انْتَهَى إلى ظلِّ شجرةٍ، فجلس فيه، ثم خرج آخرُ فرآه جالسًا وحدَه، فرَجا أن يكونَ على مثل أمره من غيرِ أن يظهر ذلك منه، فجاء حتى جلس إليه، ثم خرج الآخرون، فجاءُوا حتى جلسوا إليهما، فاجتمعوا، فقال بعضُهم: ما جمعكم؟ وقال آخرُ: بل ما جمَّعَكم؟ وكلٌّ يكتُمُ إيمانَه من صاحبه مخافةً على نفسه. ثم قالوا: ليَخْرُجُ منكم فَتَيانِ، فيَخْلُوا، فيتَواثَقا أن لا يُفْشِى واحدٌ منهما على صاحبه، ثم يُفْشِى كلُّ واحدٍ منهما لصاحبِه أمره، فإنَّا نرجو أن نكونَ على أمرٍ


(١) ليس في الدر المنثور.
(٢) سقط من: ص.
(٣) ذكره السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٢١٤، ٢١٥ بنحوه مطولا، وعزاه للمصنف وابن المنذر.
(٤) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "مراكب".
(٥) في ص: "رجل".