للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفتية الذين أَوَوْا إلى الكهفِ ﴿بِالْحَقِّ﴾. يعنى: بالصدق واليقين الذي لا شكَّ فيه، ﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ﴾. يقولُ: إن الفتية الذين أوَوْا إلى الكهف الذين سألك عن نبئهم الملأُ مِن مُشرِكى قومك، فتيةٌ آمنوا بربِّهم، ﴿وَزِدْنَاهُمْ هُدًى﴾. يقولُ: وزدناهم إلى إيمانهم بربِّهم إيمانًا وبصيرةً بدينهم، حتى صبروا على هجران دارِ قومِهم، والهرب من بين أظهُرهم بدينهم إلى الله، وفِراقِ ما كانوا فيه من خفض العيش ولينه، إلى خُشونة المُكْثِ في كهف جبلٍ.

وقوله: ﴿وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾. يقولُ عزَّ ذِكْرُه: وألهمناهم الصبر، وشدَدْنا قلوبهم بنور الإيمان، حتى عزَفَت أنفسهم عمَّا كانوا فيه (١) من خفض العَيْشِ.

كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادة: ﴿وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾. يقولُ: بالإيمان.

وقوله: ﴿إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾. يقولُ: حين قاموا بين يدى الجبَّارِ دَقيَنوسَ، فقالوا له إذ عاتبهم (٢) على تركهم عبادة (٣) آلهته: ﴿رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾. يقولُ: قالوا: ربُّنا مَلِكُ السماواتِ والأرض وما فيهما من شيءٍ، وآلهتُك مربوبةٌ، وغير جائزٍ لنا (٣) أن نَتْرُكَ عبادةَ الربِّ ونعبُدَ المربوبَ، ﴿لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا﴾. يقولُ: لن نَدْعُوَ من دونِ ربِّ السماواتِ والأرض إلها؛ لأنَّه لا إله غيرُه، وأن كلَّ ما دونه فهو خلقه، ﴿لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا﴾. يقول جلَّ ثناؤُه: لكن دعونا إلهًا غير إله السماوات والأرض، لقد قلنا إذن بدعائنا غيره


(١) في م، ت ١، ف: "عليه".
(٢) في ص: "عابهم".
(٣) سقط من: ص.