للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأنبأهم باسم أبيه، فلم يجدوا أحدًا يعرِفُه ولا أباه، فقال له أحدُهما: أنت رجلٌ كذَّابٌ لا تُنبئُنا بالحقِّ. فلم يدر يمليخا ما يقول لهم، غير أنه نكس بصره إلى الأرض، فقال له بعضُ من حوله: هذا رجلٌ مجنونٌ. فقال بعضُهم: ليس بمجنونٍ، ولكنَّه يُحَمِّقُ نفسَه عمدًا لكي ينفلت منكم. فقال له (١) أحدُهما، ونظر إليه نظرًا شديدًا: أتظُنُّ أنك إذ تتجانَنُ نُرسِلُك ونُصدِّقُك بأن هذا مالُ أبيك، وضربُ هذه الورق ونقشُها منذ أكثر من ثلاثمائة سنةٍ، وإنما أنت غلامٌ شابٌّ، تظنُّ أنك تأفِكُنا، ونحن شُمْطٌ كما ترى، وحولك سَراة أهل المدينة وولاة أمرها؟ إنى لأظُنُّنى (٢) سآمُرُ بك فتعذَّبُ عذابًا شديدًا، ثم أُوثِقُك حتى تعترف بهذا الكنز الذي وجدت. فلما قال ذلك قال له (٣) يمليخا: أنبئونى عن شيءٍ أسألكم عنه، فإن فعلتم صدَقْتُكم عمَّا عندى؛ أرأيتُم دقينوس الملك الذي كان في هذه المدينة عشية أمس ما فعل؟ فقال له الرجلُ: ليس على وجه الأرضِ رجلٌ اسمه دقينوسُ، ولم يكن إلا ملكٌ قد هلك منذ زمانٍ ودهرٍ طويلٍ، وهلكت بعده قرونٌ كثيرةٌ. فقال له يمليخا: فوالله إنى إذًا لحيرانُ، وما هو بمصدِّقى (٤) أحدٌ من الناس بما أقولُ، والله لقد علمتُ، لقد فَرَرنا من الجبار دقينوس، وإني قد رأيته عشية أمس حين (٥) دخل مدينة أُفسوس، ولكن لا أدرى، أمدينةُ أُفسوس هذه أم لا؟ فانطلقا معى إلى الكهف الذي في جبل بنجلوس أُريكم أصحابى. فلما سمع أريوسُ ما يقول يمليخا، قال: يا قوم، لعلَّ هذه آيةٌ من آياتِ اللَّهِ جعلها الله (٦) لكم على يدى هذا الفتى، فانطلقوا بنا معه يُرنا أصحابه كما


(١) سقط من: ص، ت ١، ف.
(٢) في ص، ت ١، ف: "لأظن".
(٣) سقط من: م.
(٤) في م: "بمصدق".
(٥) في ص، ت ١، ف: "حتى".
(٦) سقط من: م، ت ٢.