للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال آخَرون بما حدَّثنى به يونسُ بنُ عبدِ الأعلى، قال: أخبرَنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ: ضرَبوا الميتَ ببعضِ آرابِها (١)، فإذا هو قاعدٌ، قالوا: مَن قتَلك؟ قال: ابنُ (٢) أخى. قال: وكان قتَله وطرَحه (٣) على ذلك السِّبْطِ، أراد أن يَأخُذَ دِيَتَه (٤).

والصوابُ مِن القولِ في تأويلِ قولِه عندنا: ﴿فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا﴾. أن يقالَ: أمرَهم اللهُ جلَّ ثناؤه أن يَضرِبوا القتيلَ ببعضِ البقرةِ لِيَحْيا المضروبُ. ولا دَلالةَ في الآيةِ، ولا خبرَ تقومُ به حُجَّةٌ، على أيِّ أبعاضِها التى أُمر القومُ أن يَضرِبوا القتيلَ به. وجائزٌ أن يكونَ الذى أُمروا أن يَضرِبوه به هو الفَخِذَ، وجائزٌ أن يكونَ ذلك الذَّنَبَ وغُضْروفَ الكَتِفِ وغيرَ ذلك مِن أبعاضِها. ولا يَضُرُّ الجهلُ بأىِّ ذلك ضرَبوا القتيلَ، ولا ينفَعُ العلمُ به، مع الإقرارِ بأن القومَ قد ضرَبوا القتيلَ ببعضِ البقرةِ بعدَ ذَبْحِها، فأحياه اللهُ.

فإن قال قائلٌ: وما كان معنى الأمرِ بضرْبِ القتيلِ ببعضِها؟

قيل: لِيَحْيا فَيُنْبِئَ نبيَّ اللهِ موسى والذين ادَّارءوا فيه مَن قاتِلُه.

فإن قال قائلٌ: وأين الخبرُ عن أن (٢) اللهَ جلَّ ثناؤه أمرَهم بذلك لذلك؟ قيل: تُرك ذلك اكتفاءً بدلالةِ ما ذُكر مِن الكلامِ الدالِّ عليه، نحوَ الذى ذكَرْنا مِن نظائرِ ذلك فيما مضَى.


(١) الإرب: العضو، والجمع آراب. اللسان (أ ر ب).
(٢) سقط من: ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٣) في ت ١، ت ٢، ت ٣: "طرح".
(٤) ينظر ما تقدم في ص ٨١، ٨٢.