للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قال قائلٌ: أفجائزٌ للرجل أن يستثنى في يمينه إذا كان معنى الكلام ما ذكرت بعدَ مدَّةٍ من حال حلفه (١)؟

قيل: بل الصوابُ أن يستثنى ولو بعدَ حِنْثِه في يمينه، فيقول: إن شاء الله. ليَخْرُجَ بقيله ذلك مما ألزمه الله في ذلك بهذه الآية، فيسْقُط عنه الحَرَج بتركه ما أَمَرَه بقيله من ذلك. فأمَّا الكفارةُ، فلا تَسْقُط عنه بحالٍ، إلا أن يكون استثناؤُه موصولًا بيمينه.

فإن قال: فما وجهُ قول من قال: له ثُنْياه ولو بعد سنةٍ. ومن قال: له ذلك ولو بعد شهرٍ. وقول من قال: ما دام في مجلسه؟

قيل: إنَّ معناهم في ذلك نحو معنانا في أنَّ ذلك له ولو بعد عشر سنين، وأنه باستثنائه وقيله: إن شاء الله. بعد حينٍ من حالِ حلفه، يَسْقُطُ عنه الحرج الذي لو لم يقله كان له لازمًا، فأما الكفارة فله (٢) لازمةٌ بالجنثِ بكلِّ حالٍ، إلا أن يكون استثناؤُه كان موصولًا بالحلف، وذلك أنّا لا نَعْلَمُ قائلًا قال ممن قال: له الثُّنْيا بعد حين. يَزْعُمُ أَنَّ ذلك يضَعُ عنه الكفارة إذا حنث، ففى ذلك أوضحُ الدليل على صحة ما قلنا في ذلك، وأنَّ معنى القوم (٣) فيه كان نحو معنانا فيه.

وقوله: ﴿وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ (٤) رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا﴾. يقولُ عزّ ذكرُه لنبيِّه : وقُلْ: لعلَّ اللَّه أن يهدِيَنى فيُسدِّدَنى لأَسَدَّ مما وعَدْتُكم وأخبَرْتُكم أنه سيكون، إن هو شاء.


(١) في ت:١: "يمينه".
(٢) في ت:١: "فهى له".
(٣) في م، ت ٢: "القول".
(٤) في ص، ت ٢: "يهدينى". وبإثبات الياء قراءة كما تقدم في ص ٢٢٣.