للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عامرٍ وأبى عبدِ الرحمنِ السُّلَميِّ أنَّهما كانا يقرأانِه: (بالغُدْوةِ والعشيِّ) (١). وذلك قراءة عند أهل العلم بالعربية مكروهةٌ؛ لأن "غُدْوةً" مَعْرِفةٌ، ولا ألفَ ولا لامَ فىها، وإنما يُعرفُ بالألف واللام ما لم يكن معرفةً، فأما المعارفُ فلا تُعرَّفُ بهما.

وبعدُ، فإِنَّ "غُدْوَةً" لا تُضافُ إلى شيءٍ، وامتناعُها من الإضافة دليلٌ واضحٌ على امتناع الألف واللام من الدُّخول عليها؛ لأنَّ ما دخلته الألفُ واللامُ من الأسماءِ صلحت فيه الإضافةُ، وإنما تقولُ العرب: أتيتُك غَداةَ الجمُعةِ. ولا تقولُ: أتيتُك غُدوة الجمعة.

والقراءة عندنا في ذلك ما عليه القرأةُ في الأمصار، لا نَسْتجِيزُ غيرَها؛ لإجماعها على ذلك، وللعلة التي بيَّنا من جهة العربية (٢).

وقوله: ﴿وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ﴾. يقولُ جلُّ ثناؤه لنبيِّه : ولا تَصْرِفْ عيناك عن هؤلاء الذين أمَرْتُك يا محمد أن تَصْبِرَ نفسك معهم إلى غيرهم من الكفارِ، ولا تُجاوِزْهم إليهم (٣).

وأصلُه من قولهم: عَدَوْتُ ذلك، فأنا أعْدُوه. إذا جاوزته.

وبنحو الذي قلنا في تأويل (٤) ذلك قال أهل التأويل.


(١) ينظر في قراءة ابن عامر السبعة لابن مجاهد ص ٣٩٠، وبها قرأ أيضًا مالك بن دينار والحسن ونصر بن عاصم وأبو رجاء العطاردى. البحر المحيط ٤/ ١٣٦.
(٢) قراءة ابن عامر قراءة متواترة، ولا يصح رد المصنف لها، وينظر في توجيهها ما ذكره أبو حيان في البحر المحيط ٤/ ١٣٦.
(٣) في م، ف: "إليه".
(٤) سقط من: م، ت ١، ف.