للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والأقرع بن حابس وذووهم، فقالوا: يا نبيَّ الله، إنك لو جلسْتَ في صدر المسجد، ونفَيْتَ عنا هؤلاء وأرْواحَ جِبَابِهم - يَعْنُون سلمان وأبا ذرٍّ وفقراء المسلمين، وكانت عليهم جِبابُ الصُّوفِ، ولم يكن عليهم غيرُها - جلسنا إليك وحادَثناك، وأخَذْنا عنك. فأنزل الله: ﴿وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا﴾. حتى بلغ: ﴿إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا﴾. يتهدَّدُهم بالنار، فقام نبيُّ الله يلتَمسُهم حتى أصابهم في مؤَخَّرِ المسجدِ يَذْكُرون الله، يلْتَمِسُهم فقال: "الحمد لله الذي لم يُمتنى حتى أمرنى أن أصبر نفسى مع رجالٍ من أُمَّتى، معكمُ المحيا، ومعكم المماتُ" (١).

وقوله: ﴿وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه : ولا تُطِعْ يا محمد من شغَلْنا قلبه من الكفار الذين سألُوك طرْدَ الرهط الذين يدْعُون ربَّهم بالغداة والعشيِّ عنك - عن ذكرنا بالكفر وغلبة الشقاء عليه، واتَّبع هواه، وترك اتِّباعَ أمرِ اللهِ ونهيه، وآثر هوى نفسه على طاعة ربِّه.

وهم، فيما ذُكِر، عيينةُ بنُ حِصْنٍ (٢)، والأقرعُ بن حابسٍ وذووهم.

حدَّثني الحسينُ بن عمرو بن محمدٍ العنقزيُّ، قال: ثنا أبى، قال: ثنا أسباطُ، عن السدِّيِّ، عن أبي سعيد (٣) الأَزْدِيِّ، عن أبي الكَنُودِ، عَن خَبَّابٍ: ﴿وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا﴾. قال: عُيينةُ والأقرعُ (٤).


(١) الواحدى في أسباب النزول ٢٢٤ من طريق الوليد بن عبد الملك، وأخرجه أبو نعيم في الحلية ١/ ٣٤٥ والبيهقى في الشعب (١٠٤٩٤) من طريق سليمان بن عطاء به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٢١٩ إلى ابن مردويه وأبى الشيخ.
(٢) في ص، ت ٢: "حصين".
(٣) في ت ٢: "سعد". وينظر ما تقدم في ٩/ ٢٥٩.
(٤) تقدم تخريجه في ٩/ ٢٦٠.