للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كأنها سِهْلةٌ (١) حمراءُ مدقَّقةٌ، فهي جَمْرَةٌ (٢).

فالمُهلُ إذًا هو كلُّ مائعٍ قد أُوقِد عليه حتى بلَغَ غايةَ حرَّه، أو لم يكنْ مائعًا، فانْماعَ بالوَقودِ عليه، وبلَغ أقصَى الغايةِ في شدَّةِ الحرِّ.

وقوله: ﴿يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ﴾. يقول جلَّ ثناؤُه: يشْوِي ذلك الماءُ الذي يُغاثُون به وجوهَهم.

كما حدَّثني محمدُ بنُ خلفٍ العسقلانيُّ، قال: ثنا حيوةُ بنُ شريحٍ، قال: ثنا بقيَّةُ، عن صفوانَ بن عمرٍو، عن عبيدِ اللَّهِ بن بُسْرٍ - هكذا قال ابن خلَفٍ - عن أبي أُمامةَ، عن النبيِّ في قوله: ﴿وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (١٦) يَتَجَرَّعُهُ﴾ [إبراهيم: ١٦]. قال: "يُقَرَّبُ إليه فيتكرَّهُه، فإذا قَرُب منه شَوَى وجْهَه، ووقَعت فَرْوة رأسِه، فَإِذَا شَرِب قطَّع أمعاءَه، يقولُ اللَّهُ: ﴿وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ﴾ " (٣).

حدَّثنا محمدُ بنُ المثنَّى، قال: ثنا إبراهيمُ بنُ إسحاقَ الطالَقانيُّ ويَعْمَرُ بنُ بشرٍ، قالا: ثنا ابن المباركِ، عن صفوانَ، عن عبيدِ (٤) اللَّهِ بن بُسْرٍ (٥)، عن أبي أُمامةَ، عن النبيِّ بمثلِه.

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا يعقوبُ، عن جعفرٍ وهارونَ بن عَنْتَرةَ، عن سعيدِ بن


(١) السهلة: رمل خشن ليس بالدقاق الناعم. لسان العرب (س هـ ل).
(٢) في م، ف: "أحمرة". والمثبت موافق لما في مجاز القرآن ١/ ٤٠٠.
(٣) أخرجه نعيم بن حماد في زوائد الزهد لابن المبارك ١/ ٨٩، عن صفوان به. وأحمد ٥/ ٢٦٥ (الميمنية)، والترمذي (٢٥٨٣)، وينظر ما تقدم في ١٣/ ٦٢٠، ٦٢١.
(٤) م: "عبد". ينظر تهذيب الكمال ١٣/ ١٥٨، ١٥٩.
(٥) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "بشر". وينظر المصدر السابق.