للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثُمُرٌ): الثُّمُرُ الأصلُ. قال: (وأُحِيطَ بثُمُرِه). قال: بأصلِه (١).

وكأنَّ الذين وجَّهُوا معناها إلى أنها أنواعٌ من المالِ أرادوا أنها جمعُ "ثمارٍ" جُمِع "ثُمُرًا"، كما يُجْمَعُ الكتاب "كُتُبًا"، والحمارُ "حُمُرًا".

وقد قرَأ بعضُ مَن وافَق هؤلاء في هذه القراءةِ: (ثُمْرٌ) بضمِّ الثاءِ وسكونِ الميمِ (٢)، وهو يُرِيدُ الضمَّ فيها، غيرَ أنه سكَّنها طلب التخفيفِ. وقد يَحتمِلُ أن يكونَ أراد بها جمعَ "ثَمَرِةٍ"، كما تُجمَعُ الخَشَبَةُ "حُشْبًا". وقرأ ذلك بعضُ المدنيّين: ﴿وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ﴾. بفتحِ الثاءِ والميمِ (٣)، بمعنى جمعِ "الثَّمَرِةِ"، كما تُجمَعُ الخَشَبَةُ "خَشَبًا"، والقَصَبَةُ "قَصَبًا".

وأولى القراءاتِ في ذلك عندى بالصوابِ (٤) قراءةُ مَن قرَأ: (وكان لَهُ ثُمُرٌ). بضمِّ الثاءِ والميمِ لإجماعِ الحجةِ من القرأةِ عليه، وأن ذلك (٥) جمعُ "ثمارٍ"، كما الكُتُبُ جمعُ "كتابٍ".

ومعنى الكلامِ: وفجَّرنا خلالَهما نهَرًا، وكان له منهما ثُمُرٌ - بمعنى من جنَّتيه (٦) - أنواعٌ من الثمارِ. وقد بَيَّن ذلك لَمَن وُفِّق لفَهمِه - قولُه: ﴿جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا﴾. ثم قال: وكان له من هذه الكُرُومِ والنخل والزرع ثُمُرٌ.

وقولُه: ﴿فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ﴾. يقولُ ﷿: فقال هذا الذي جعَلنا له جنَّتين من أعنابٍ، لصاحبِه الذي لا مالَ له وهو يخاطِبُه: ﴿أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ


(١) ينظر البحر المحيط ٦/ ١٢٥.
(٢) قرأ بها أبو عمرو البصرى في الموضعين. السبعة لابن مجاهد ص ٣٩٠.
(٣) هو أبو جعفر، وبه أيضًا قرأ عاصم وروح. النشر ٢/ ٢٣٣.
(٤) القراءات الثلاثة متواترة.
(٥) في ص، م، ف: "كانت".
(٦) في ت ٢: "جنتيهما".