للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَهْوِينَ فِي نَجْدٍ وغَوْرًا غائرَا

فَوَاسِقًا عَنْ قَصْدِها جَوَائرَا

يعنى بالفواسقِ: الإبلَ المنعدلةَ عن قصدِ نجدٍ. وكذلك الفِسْقُ في الدينِ؛ إنَّما هو الانْعِدالُ عن القَصْدِ، والمَيْلُ عن الاستقامةِ. ويُحكَى عن العربِ سماعًا: فسَقتِ الرُّطَبةُ من قِشْرِها؛ إذا خرَجت منه. و: فسَقتِ الفأرةُ؛ إذا خرَجت من جُحرِها.

وكان بعضُ أهلِ العربيةِ من أهلِ البصرةِ يقولُ: إنما قيل: ﴿فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ﴾؛ لأنَّه مرادٌ به: ففسَق عن ردِّه أمرَ اللهِ. كما تقولُ العربُ: اتَّخمتُ عن الطَّعامِ. بمعنى: اتَّخمتُ لما أكَلتُه. وقد بيَّنا القولَ في ذلك (١)، وأن معناه: عدَل وجار عن أمرِ اللهِ، وخرَج عنه.

وقال بعضُ أهلِ العلمِ بكلامِ العربِ: معنى الفسقِ الاتساعُ. وزعَم أن العربَ تقولُ: فسَق في النَّفقةِ. بمعنى اتَّسَعَ فيها. قال: وإنما سُمِّى الفاسقُ فاسقًا، لاتساعِه في محارمِ اللهِ.

وبنحوِ الذي قُلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى "ح"، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قولِ اللهِ جلَّ وعزَّ: ﴿فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ﴾. قال: في السجودِ لآدمَ (٢).


(١) تقدم في ١/ ٤٣٤.
(٢) تفسير مجاهد ص ٤٤٨. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٢٢٧ إلى ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم.