للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الميمِ وفتحِ اللامِ؛ لإجماعِ الحُجَّةِ من القرأةِ عليه، واستِدْلالًا بقولِه: ﴿وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ﴾. فأن يكونَ المصدرُ من "أهلَكْنا"؛ إذ كان قد تقدَّم قبْلَه - أولى.

وقيل: ﴿أَهْلَكْنَاهُمْ﴾. وقد قال قبلَ ذلكِ: ﴿وَتِلْكَ الْقُرَى﴾؛ لأنَّ الهلاكَ إنَّما حلَّ بأهلِ القُرَى، فعاد إلى المعنى، وأَجْرَى الكلامَ عليه دونَ اللفظِ.

وقال بعضُ نحويِّى البصرةِ: قال: ﴿وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا﴾، يعني أهلَها، كما قال: ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ﴾. ولم يُجْرِ (١) بلفظِ "القُرَى"، ولكنْ أجْرَى اللفظَ على القومِ، وأجْرَى اللفظَ في "القريةِ" عليها إلى قوله: ﴿الَّتِي كُنَّا فِيهَا﴾ [يوسف: ٨٢]. وقال: ﴿أَهْلَكْنَاهُمْ﴾. ولم يقلْ: أَهلَكْناها. حمَله على القومِ، كما قال: جاءت تميمٌ. وجعَل الفعلَ لبنى تميمٍ، ولم يجعَلْه لتميمٍ، ولو فعَل ذلك لقال: جاء تميمٌ. وهذا لا يحسُنُ في نحوِ هذا؛ لأنه قد أراد غيرَ تميمٍ فى نحوِ هذا الموضعِ، فجعَله اسمًا، ولم يحتمِلْ إذ اعتلَّ أَن يَحذِفَ ما قبلَه كلَّه معنى التاءِ من "جاءت" مع "بني" (٢)، وترَك الفعلَ على ما كان ليُعلِمَ أَنَّه قد حذَف شيئًا قبلَ تميمٍ.

وقال بعضُهم: إنما جاز أن يُقالَ: ﴿تِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ﴾؛ لأن القريةَ قامَت مَقامَ الأهلِ، فجاز أن تُردَّ على الأهلِ مرَّةً، وعليها مرَّةً، ولا يجوزُ ذلك في تميمٍ؛ لأن القبيلةَ تُعرَفُ به، وليس تميمٌ هو القبيلةَ، وإنما عُرِفتِ القبيلةُ به، ولو كانت القبيلةُ قد سُمِّيت بالرجلِ لجرَت علَيه، كما تقولُ: وقَعتُ في "هودٍ". تريدُ في سورةِ "هودٍ" وليس هودٌ اسمًا للسورةِ؛ وإنما عُرِفتِ السورةُ به، فلو سمَّيتَ


(١) في ص، م، ت ١، ف: "يجئ".
(٢) بعده في م: "تميم".