للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قد لَقِيَ الأقرانُ مِنْكَ (١) نُكْرَا

داهِيةً دَهياءَ إِدًّا إِمْرَا

وكان بعضُ أهلِ العلمِ بكلامِ العربِ يقولُ: أَصْلُه كلُّ شيءٍ شديدٍ كثيرٍ. ويقولُ: منه قيل للقومِ: قد أَمِروا. إذا كثُروا واشتدَّ أمْرُهم. قال: والمصدرُ منه: الأمَرُ، والاسمُ: الإمْرُ.

واختلَفتِ القرَأَةُ فى قراءةِ قولِه: ﴿لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا﴾. فقرَأ ذلك عامةُ قرأةِ المدينةِ والبصرةِ وبعضِ الكوفيِّين: ﴿لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا﴾. بالتاءِ في ﴿لِتُغْرِقَ﴾، ونصْبِ "الأهلِ" (٢)، بمعنى: لتُغرِقَ أنتَ أيُّها الرجلُ أهلَ السَّفينة بالخَرْقِ الذي خرَقْتَ فيها.

وقرَأه عامةُ قرأةِ الكوفةِ: (لِيَغْرَقَ) بالياء (أهلُها) بالرفعِ (٣)، على أن "الأهلَ" هم الذين يَغْرَقون.

والصوابُ من القولِ فى ذلك عندى أن يُقالَ: إِنَّهما قراءتان معروفَتان مُسْتفيضَتان في قرَأةِ الأمصارِ، متَّفِقَتا المعنى وإنِ اختَلَفت ألفاظُهما، فبأيِّ ذلك قرَأ القارئُ فمصيبٌ.

وإنما قُلنا: هما متَّفِقتا المعنى؛ لأنه معلومٌ أن إنكارَ موسى على العالِم خَرْقَ السَّفينةِ إنما كان؛ لأنَّه كان عندَه أن ذلك سببٌ لغَرَقِ أَهْلِها إِذا أُحْدِث (٤) فيها، فلا خفاءَ على أحدٍ معنى ذلك، قُرِئ بالتاءِ ونَصْبِ "الأهلِ"، أو بالياءِ ورَفْعِ "الأهلِ".


(١) فى م، والمصادر: "منى".
(٢) وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو ونافع وابن عامر وعاصم. السبعة لابن مجاهد ص ٣٩٥.
(٣) وهى قراءة حمزة والكسائي. المصدر السابق.
(٤) بعده في ص، م، ت ١، ت ٢: "مثل ذلك الحدث".