للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقولُ تعالى ذكرُه: قال العالمُ لموسى: ألم أقلْ لك: إنك لن [تُطِيقَ صبرًا معي] (١) على ما تَرى من أفعالى التى لم تحِطْ بها خُبْرًا؟

قال موسى له: ﴿إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا﴾. يقولُ: بعد هذه المرَّةِ، ﴿فَلَا تُصَاحِبْنِي﴾. يقولُ: ففارِقْني، ولا تكنْ لى مُصاحِبًا، ﴿قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا﴾. يقولُ: قد بلَغتَ العذرَ في شأني.

واختلَفتِ القرَأةُ فى قراءةِ ذلك؛ فقرَأته عامَّةُ قرأةِ أهلِ المدينةِ: (مِنْ لَدُنِي عُذرًا). بفتحِ اللامِ وضمِّ الدالِ وتخفيفِ النّونِ (٢).

وقرَأه عامَّةُ قرأةِ الكوفةِ والبصرةِ بفتحِ اللامِ وضمِّ الدالِ وتشديدِ النونِ (٣).

وقرأه بعضُ قرَأةِ الكوفةِ بإشْمامِ [الدالِ الضَّمَّ وتسكينها] (٤) وتخفيفِ النونِ (٥).

وكأنَّ الذين شدَّدوا النونَ طلبوا للنونِ التى فى "لَدُنْ" السلامةَ من الحركةِ، إذ كانت في الأصلِ ساكنةً، ولو لم تشدَّدْ لَتَحَرَّكت، فشَدَّدوها كراهةً منهم تحريكَها، كما فعَلوا ذلك (٦) فى "من" و "عن" إذا أضافوهما إلى مكنىِّ المخبِرِ عن نفسِه، فشدَّدوها (٧)، فقالوا: منِّى، وعنِّى. وأما الذين خفَّفوها، فإنَّهم وجَدوا مكنىَّ المُخبِرِ عن نفسِه فى حالِ الخفضِ ياءً وحدَها لا نونَ معها، فأجْرَوا ذلك مع (٨)


(١) في ص: "تستطيع صبرا معى"، وفى م، ت ١، ف: "تستطيع معى صبرا".
(٢) وهي قراءة نافع. السبعة لابن مجاهد ص ٣٩٦.
(٣) وهى قراءة ابن كثير وأبي عمرو وابن عامر وحمزة والكسائي وحفص عن عاصم. المصدر السابق.
(٤) فى ص، م، ت ١، ت ٢، ف: "اللام الضم وتسكين الدال".
(٥) وهى رواية عن أبي بكر عن عاصم، وفى رواية عن أبي بكر عن عاصم بسكون الدال مع فتح اللام. المصدر السابق.
(٦) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ف.
(٧) في م: "فشددوهما".
(٨) فى ص، م، ت ١، ت ٢، ف: "من".