للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال آخرُ منهم: إنما كلَّم القومَ بما (١) يعْقِلون. قال: وذلك لمَّا دنا من الانْقِضاضِ جاز أن يقولَ: ﴿يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ﴾. قال: ومثلُه: ﴿تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ﴾ [مريم: ٩٠، والشورى: ٥]. وقولُهم: إني لأكادُ أطيرُ من الفرحِ. وأنت لم تقرَبْ من ذلك ولم تهُمَّ به، ولكن لعظمِ الأمرِ عندَك.

وقال بعضُ الكوفيِّين منهم (٢): مِن كلامِ العربِ أن يقولوا: الجدارُ يريدُ أن يسقُطَ. قال: ومثلُه من قولِ العربِ قولُ (٣) الشاعرِ (٤):

إِنَّ دَهْرًا يَلُفُّ شَمْلِى بِجُمْلٍ (٥) … لَزَمَانٌ يَهُمُّ بِالإحْسانِ

وقولُ الآخرِ (٦):

يَشْكو إلىَّ جَمَلِى طُولَ السُّرَى

[صَبرًا جميلًا] (٧) فكِلانا مُبتَلَى

قال: والجملُ لم يَشْكُ، إنَّما تُكُلِّم به على أنَّه لو تكلَّمَ لقال ذلك. قال: وكذلك قولُ عنترةَ (٨):

وازْوَرَّ مِن وَقْعِ القَنا بلَبانِه … وشَكا إلىَّ بعَبرَةٍ وتَحْمْحُمِ


(١) في م: "مما".
(٢) هو الفراء في معاني القرآن ٢/ ١٥٦.
(٣) في الأصل: "قال".
(٤) البيت في دلائل الإعجاز ص ٣٢٠، والمغرب (د هـ ر).
(٥) في دلائل الإعجاز: "بسعدى".
(٦) الكتاب ١/ ٣٢١، شروح سقط الزند ٢/ ٦٢٠، أمالي المرتضى ١/ ١٠٧.
(٧) فى الكتاب، وأمالي المرتضى: "صبر جميل".
(٨) شرح ديوانه ص ١٢٨.