للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(حتى إذا بلغَ السَّدينِ) بضمِّ السينِ، وكذلك جميعَ ما في القرآنِ من ذلك بضمِّ السينِ (١). وكان بعضُ قرأةِ المَكِّيِّين يقرَؤُه بفتحِ ذلك كلِّه (٢).

وكان أبو عمرِو بنُ العلاءِ يفتَحُ السينَ في هذه السورةِ، ويضُمُّ السينَ في "يس" (٣)، ويقولُ: السَّدُّ بالفتح هو الحاجزُ بينَك وبينَ الشيءِ، والسُّدُّ بالضمِّ ما كان مِن غِشاوةٍ في العينِ. وأمَّا الكوفيون فإن قراءةَ عامَّتِهم في جميعِ القرآنِ بفتحِ السينِ، غيرَ قوله: (حتى إذا بلغَ بين السُّدينِ) فإنهم ضَمُّوا السينَ في ذلك خاصَّةً (٤).

ورُوِى عن عكرمةَ في ذلك ما حدَّثنا به أحمدُ بنُ يوسفَ، قال: ثنا القاسمُ، قال: ثنا حجاجٌ، عن هارونَ، عن أيوبَ، عن عكرمةَ، قال: ما كان مِن صَنعَةِ بني آدمَ فهو السَّدُّ - يعنى بالفتحِ - وما كان من صُنعِ الله فهو السُّدُّ (٥).

وكان الكسائيُّ يقولُ: هما لغتان بمعنًى واحدٍ.

والصوابُ من القول في ذلك عندى أن يقال: إنهما قراءَتان مُستَفِيضَتان في قرأةِ الأمصارِ، ولغتان مُتَّفِقَتا المعنى غيرُ مُختلِفَتِه (٦)، فبأيَّتِهما قرَأ القارئُ فمصيبٌ، ولا معنَى للفَرقِ الذي ذُكِر عن أبي عمرِو بن العلاءِ وعكرمة بينَ السَّدِّ


(١) قرأ بالضم جميع ما في القرآن: نافع، وعاصم في رواية أبى بكر، وابن عامر. ينظر السبعة في القراءات ص ٣٩٩. والكشف عن وجوه القراءات ص ٧٥، ٧٦.
(٢) قرأ بالفتح في ذلك كله حفص عن عاصم، وهما كوفيان. المصدران السابقان.
(٣) وهو قوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا﴾ [يس: ٩].
(٤) هي قراءة حمزة والكسائي. ينظر المصدران السابقان.
(٥) ذكره الطوسى في التبيان ٧/ ٧٩، والبغوى في تفسيره ٥/ ٢٠١، والقرطبي في تفسيره ١١/ ٥٩، وأبو حيان في تفسيره ٦/ ١٦٣.
(٦) في ص، م، ت ١، ت ٢، ف: "مختلفة".