للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: "رحِم الله زكريا ما كان عليه من وَرَثَتِه".

حدثنا الحسنُ، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، أن النبي ، قال: "يَرْحَمُ اللهُ زَكريا، وما كان عليه مِن وَرَثَتِهِ، ويَرْحَمُ الله لوطًا؛ إن كان لَيَأْوِى إِلى رُكْنٍ شديدٍ" (١).

حدثني موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السُّديِّ: ﴿فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ﴾. قال يَرِثُ نبوَّتى ونبوَّةَ آلِ يعقوبَ (٢).

واختلفت القرأة في قراءة قوله: ﴿ويَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ﴾؛ فقرَأت ذلك عامة قرأة المدينة ومكةَ، وجماعةٌ من أهل الكوفة: ﴿يرثني وَيَرِثُ﴾، برفع الحرفين كليهما (٣)، بمعنى: فهب ليَ الذي يَرِثُنَى وَيَرِثُ من آلِ يعقوبَ، وعلى أَنَّ ﴿يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ﴾ من صلة (٤) الوليِّ. وقرَأ ذلك جماعة من قرأة أهل الكوفة والبصرة: (يَرِثْنى ويَرِثُ). بجزمِ الحرفين على الجزاء والشرط (٥)، بمعنى: فَهبْ لي من لدنك وليًّا؛ فإنه يَرِثُنى إذا وهبْتَه لي. وقال الذين قرءوا ذلك كذلك: إنما حسن ذلك في هذا الموضع؛ لأن ﴿يَرِثُنِي﴾ مِن آية غير التي قبلَها. قالوا: وإنما يحسُن أن يكون مثل هذا صلةً؛ إذا كان غير منقطعٍ عما هو له صلةٌ، كقوله ﴿رِدْءًا يُصَدِّقُنِي﴾ [القصص: ٣٤].

قال أبو جعفرٍ: وأولى القراءتين في ذلك عندى بالصواب (٦) قراءة من قرَأه برفعِ


(١) تفسير عبد الرزاق ٢/ ٣، وآخر الحديث له أصل في الصحيحين: "يرحم الله لوطًا" عن أبي هريرة مرفوعًا. البخارى (٣٣٧٥، ٣٣٨٧)، ومسلم (٢٣٧٠، ١٥١، ١٥٣).
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٢٥٩ إلى ابن أبي حاتم.
(٣) قراءة ابن كثير ونافع وعاصم وابن عامر وحمزة. السبعة ص ٤٠٧.
(٤) في ف: "صفة". والصلة هنا يريد بها الصفة. مصطلحات النحو الكوفي ص ٤٥.
(٥) قراءة أبي عمرو والكسائي. السبعة ص ٤٠٧.
(٦) القراءتان متواترتان.