للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هينٌ. فهو إذن من قوله: ﴿قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَى هَيِّنٌ﴾. كناية عن الخلقِ.

وقوله: ﴿وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا﴾. يقول تعالى ذكرُه: وليس خلْقُ ما وعَدتُك أن أَهَبَه لك من الغلام الذى ذكرتُ لك أمره منك مع كِبَرِ سنِّك، وعُقم زوجتك بأعجبَ مِن خَلْقِيك (١)، فإني قد خلَقتُك، فأَنشَأْتُك بشرًا سويًّا مِن قبل خَلْقى ما بشَّرتُك بأنى واهبُه لك من الولدِ، ولم تك شيئًا، فكذلك أَخْلُقُ لك الولد الذى بشَّرتُك به من زوجتك العاقر، مع عِتِيِّك ووهَنِ عظامِك، واشتعال شيب رأسك.

وقوله: ﴿قَالَ رَبِّ اجْعَل لِي ءَايَةً﴾. يقول تعالى ذكره: قال زكريا: يا ربِّ اجعل لي عَلَمًا ودليلا على ما بشَّرتْنى به ملائكتك من هذا الغلامِ، عن أمرِك ورسالتك، وليطمئنَّ إلى ذلك قلبي.

كما حدَّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيد في قوله: ﴿قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّي آيَةً﴾. قال: قال: ربِّ اجعل لي آيةً أنَّ هذا منك.

حدَّثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّديِّ: قال: ربِّ، فإن كان هذا الصوتُ منك فاجعَل لي آية، قال الله: ﴿آيَتُكَ﴾ لذلك: ﴿أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا﴾ (٢).

[وقوله: ﴿آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا﴾] (٣).

يقول جل ثناؤُه: علامتك لذلك، ودليلُك عليه أن لا تُكَلِّمَ الناسَ ثَلاثَ ليال


(١) في ت ١، ف: "خلقتك". وفي ت ٢: "خلقك".
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٦٤٥ (٣٤٧٥) من طريق عمرو به.
(٣) ليست في النسخ، وزدناها وفقًا لما مضت عليه عادة المصنف في التفسير.