للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَعنى بقولِه: تقُصُّه: تَطلبه؛ لأنها كانت نَسِيتْه حتى ضَاع، ثم ذكرته فطلَبتْه، ويَعْنى بقوله: تَبَلَتِ: تُحسِنُ وتَصْدُقُ، ولو وُجِّه النَّسْيُ إلى المصدرِ مِن النِّسيان كان صوابًا، وذلك أن العربَ، فيما ذُكر عنها، تقولُ: نَسِيتُه نِسيانًا ونَسْيًا. كما قال بعضُهم: مِن طاعةِ الرَّبِّ وعَصْيِ الشَّيطانِ. يَعْنِي: وعصيانِ. وكما تَقُولُ: أَتيتُه إتيانًا وأَتْيًا. كما قال الشاعرُ:

أَتْىُ الفواحش فيهمُ مَعْروفةٌ … ويَرَوْنَ فِعل المكْرُماتِ حراما

وقولُه: ﴿مَنْسِيًّا﴾: مفعولٌ مِن نَسِيتُ الشيءَ، كأنها قالتْ: ليتنى كُنتُ الشيء الذي أُلْقِى، فَتُرِك ونُسِيَ.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا القاسم، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: أخبَرني عطاء الخراسانيُّ، عن ابن عباس قوله: ﴿يَالَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا﴾ لم أُخلَق، ولم أكُ شيئًا (١).

حدَّثنا موسى، قال: ثنا عمرٌو، قال: ثنا أسباطُ، عن السدىِّ ﴿وَكُنتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا﴾، يقولُ: نَسْيًا (٢)؛ نُسِى ذِكرِى. و ﴿مَنْسِيًّا﴾. يقولُ: نُسى أَثرِى، فلا يُرى لي أثرٌ ولا عينٌ (٣).

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: ﴿وَكُنتُ


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٢٦٧ إلى المصنف وابن المنذر، وينظر فتح البارى ٦/ ٤٧٩.
(٢) في الأصل: "شيئا".
(٣) تقدم أوله في ص ٤٨٣.