للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثني يونسُ، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيد في قوله: ﴿قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا﴾. يعني نفسه. قال: وأَيُّ شيءٍ أسْرى منه؟ قال: والذين يقولون: السريُّ هو النهرُ. ليس كذلك النهرُ، لو كان النهرَ لكان إنما يكون إلى جَنبِها، ولا يكون النهر تحتها (١).

وأولى القولين في ذلك عندى بالصوابِ قيلُ مَن قال: عنى به الجدول. وذلك أنه أعلَمها ما قد أعطَاها الله من الماءِ الذى جعله عندها، وقال لها: ﴿وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (٢٥) فَكُلِي﴾ من هذا الرُّطَبِ، ﴿وَاشْرَبِي﴾ من هذا الماءِ، ﴿وَقَرِّى عَيْنًا﴾ بولدِك، والسريُّ معروفٌ من (٢) كلام العرب أنه النهرُ الصغيرُ، ومنه قولُ لبيد بن ربيعةَ (٣).

فتوسَّطا عُرْضَ السَّرِىِّ وصَدَّعا … مَسْجُورةً مُتَجاوِرًا (٤) قُلَّامُها

ويُروى فبيَّتا (٥) مسجُورةً، ويُروى أيضًا: فغادَرا (٦).

وقوله: ﴿وَهُزِّى إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ﴾. ذُكِر أن الجِذْعَ كان جِذْعًا يابسًا، فأمَرها أن تهزَّه، وذلك في أيام الشتاءِ، وهزُّها (٧) إياه كان تحريكَه.

كما حدَّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله:


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٢٦٨ إلى ابن أبي حاتم.
(٢) في ت ٢: "في".
(٣) شرح ديوانه ص ٣٠٧.
(٤) في ت ٢، والديوان: "متجاوزا". وينظر جمهرة أشعار العرب ١/ ٣٦٢ وشرح القصائد السبع لأبي بكر الأنباري ص ٥٥٢، وشرح القصائد التسع المشهورات ١/ ٣٩٥.
(٥) غير منقوطة في ص، م، ف، وفى ت ١: "قنينا"، وفى ت ٢: "حسا".
(٦) في ص، ت ١، ف: "فعاذرا".
(٧) في م، ف: "هزه".