للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورُوى عن أبي نَهيكٍ أنه كان يقرؤه: (تُسْقِطُ) بضمِّ التاء وإسقاط الألفِ (١).

حدَّثنا بذلك ابن حميدٍ، قال: ثنا يحيى بن واضحٍ، قال: ثنا عبد المؤمن، قال: سمِعتُ أبا نَهِيكٍ يقرَؤه كذلك (٢).

وكأنه وجَّه معنى الكلام إلى: تُسقِطُ النخلةُ عليكِ رطبًا جنيًّا.

والصوابُ مِن القولِ فى ذلك عندى أن يقال: إن هذه القراءات الثلاثَ، أعنى: (تَسَّاقَطْ) بالتاءِ وتشديدِ السين، وبالتاءِ وتخفيف السين، وبالياء وتشديدِ السين، قراءاتٌ متقارباتُ المعانى، قد قرأ بكلِّ واحدةٍ منهنَّ قرأةٌ (٣) أهلُ معرفة (٤) بالقرآنِ، فبأيِّ ذلك قرأ القارئ فمصيبٌ الصوابَ فيه، وذلك أن الجذع إذا تساقط رطبًا، وهو ثابتٌ غير مقطوعٍ، فقد تساقطتِ النخلة رطبًا، وإذا تساقطت النخلة رطبًا، فقد تساقطتِ النخلةُ بأجمَعِها، جذعُها وغيرُ جذعها، وذلك أن النخلة ما دامت قائمةً على أصلها، فإنما هي جذعٌ وجريدٌ وسعَفٌ، فإذا قُطِعت صارت جذعًا، فالجذعُ الذى أُمرت مريم بهزِّه لم يَذْكُرْ أحدٌ نعلمُه أنه كان جذعًا مقطوعًا، غيرُ السدىِّ، وقد زعم أنه عاد بهزِّها إياه نخلةً، فقد صار معناه ومعنى من قال: كان المتساقط عليها رطبًا نخلةً. واحدًا، فبيِّنةٌ (٥) بذلك صحة ما قلنا فيه (٦).

وقولُه: ﴿جَنِيًّا﴾. يعنى به (٦): مجنيًّا، وإنما كان أصله مفعولًا (٧) فصُرِف إلى فعيلٍ، والمَجْنىُّ المأخوذ طريًّا، وكلُّ ما أُخِذ من ثمرةٍ أو بَقْلَةٍ (٨) مِن موضعه


(١) هي قراءة شاذة.
(٢) عزاه السيوطى فى الدر المنثور ٤/ ٢٦٩ إلى ابن أبي حاتم.
(٣) بعده في ت ١: "من".
(٤) في ص، ت ١، ف: "المعرفة".
(٥) فى م: "فتبين"، وفى ت ٢، ف: "فبين".
(٦) سقط من: ص، م، ت ١، ف.
(٧) في الأصل، ت ٢: "مفعول".
(٨) في م: "نقل".