للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفريقانِ بالخلودِ الدائمِ، والحياةِ التي لا موتَ بعدَها، فيالها حسرةً وندامةً.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ من قال ذلك

حدَّثنا محمدُ بنُ بشارٍ، قال: ثنا عبدُ الرحمنِ بنُ مهدىٍّ، قال: ثنا سفيانُ، عن سَلَمَةَ بنِ كُهَيل، قال: ثنا أبو الزَّعْراءِ، عن عبدِ اللهِ في قصةٍ ذكَرها، قال: فليس (١) نفسٌ إلا وهى تنظرُ إلى بيتٍ فى الجنةِ، وبيتٍ فى النارِ، وهو يومُ الحسرةِ، فيرَى أهلُ النارِ البيتَ الذى [فى الجنةِ] (٢) فيقالُ لهم: لو عمِلتُم (٣). فتأخُذُهم الحسرةُ. قال: ويرى أهلُ الجنةِ البيتَ الذى فى النارِ، فيقالُ لهم: لولا أنْ منَّ اللهُ عليكم (٤).

وحدَّثني أبو السائبِ، قال: ثنا أبو معاويةَ، عن الأعمشِ، عن أبي صالحٍ، عن أبي سعيدٍ، قال: قال رسولُ اللهِ : "يُجاءُ بالموتِ يومَ القيامة فيُوقَفُ بينَ الجنَّةِ والنَّارِ كأَنَّه كبشٌ أملَحُ. قال: "فيُقالُ: يا أهلَ الجنَّة هل تعرفون هذا؟ فَيَشْرَئبُّون وينظرون، فيقولُون: نعم، هذا الموتُ". قال: "فيقولُ: يا أهلَ النَّارِ هل تعرفون هذا؟ فيشرئبُّون وينظُرون، فيقولون: نعم، هذا الموتُ. ثُمَّ يُؤمرُ به فيُذبحُ". قال: "فيقُولُ: يا أهلَ الجنَّةِ خُلُودٌ فلا موتَ، ويا أهلَ النَّارِ خُلُودٌ فلا موتَ". قال: ثم قرَأ رسولُ اللهِ : ﴿وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾. وأشارَ بيده فى الدنيا (٥).


(١) فى م: "مامن".
(٢) فى م: "كان قد أعده الله لهم لو آمنوا".
(٣) في م: "آمنتم وعملتم صالحًا كان لكم هذا الذي ترونه في الجنة".
(٤) ذكره ابن كثير في تفسيره ٥/ ٢٢٨ من طريق سفيان به.
(٥) أخرجه أحمد ١٧/ ٢٠ (١١٠٦٦)، ومسلم (٢٨٤٩/ ٤٠)، والآجرى في الشريعة (٩٤٢)،=