للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بينَ الدُّنيا والآخرةِ، ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا﴾.

حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخبَرنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبَرنا معمرٌ، عن قتادةَ: ﴿لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا﴾. [يقولُ: ما بينَ أيدينا] (١) من الآخرةِ، ﴿وَمَا خَلْفَنَا﴾: من الدنيا، ﴿وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ﴾: ما بينَ النَّفْخَتَين (٢).

حُدِّثتُ عن الحسينِ، قال: سمِعتُ أبا معاذٍ يقولُ: أخبَرنا عبيدٌ، قال: سمِعتُ الضحاكَ يقولُ في قولِه: ﴿مَا بَيْنَ أَيْدِينَا﴾: مِن الآخِرَةِ، ﴿وَمَا خَلْفَنَا﴾: من الدُّنيا (٣).

وقال آخرون في ذلك بما حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حجاجٌ، عن ابن جريجٍ: ﴿مَا بَيْنَ أَيْدِينَا﴾. قال: ما مضَى أمامَنا من الدُّنيا. ﴿وَمَا خَلْفَنَا﴾: ما يكونُ بعدَنا من الدنيا والآخِرةِ. ﴿وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ﴾. قال: ما بينَ ما مضَى أمامَهم، وبينَ ما يكونُ بعدَهم.

وكان بعضُ أهلِ العربيةِ من أهلِ البصرةِ يتأوَّلُ ذلك: ﴿لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا﴾: قبلَ أن نُخْلَقَ، ﴿وَمَا خَلْفَنَا﴾: بعدَ الفناءِ، ﴿وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ﴾: حينَ كُنَّا.

وأولَى الأقوالِ في ذلك بالصَّوابِ قولُ مَن قال: معناه: ﴿لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا﴾: مِن أمرِ الآخِرةِ؛ لأنَّ ذلك لم يَجِئْ وهو جاءٍ، فهو بينَ أيْدِيهم، [وأنَّ] (٤) الأغلبَ في استعمالِ الناسِ إذا قالوا: هذا الأمْرُ بينَ يَدَيْكَ. أنَّهم يعنون به ما لم يجِئْ وأنَّه جاءٍ، فلذلك قلنا: ذلك أولى بالصَّوابِ. ﴿وَمَا خَلْفَنَا﴾: مِن أمرِ الدُّنيا،


(١) سقط من: م، ت ١، ف.
(٢) تفسير عبد الرزاق ٢/ ١٠.
(٣) ينظر تفسير ابن كثير ٥/ ٢٤٥.
(٤) في ص، م، ت ١، ف: "فإن".