للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بقدمَيْك إلى برَكةِ الوادى (١).

وأولى القولينِ في ذلك بالصوابِ قولُ مَن قال: أمَره تعالى ذكْرُه بخلعِ نعلَيْه ليباشرَ بقدمَيْه برَكةَ الوادي، إذ كان واديًا مُقدَّسًا.

وإنما قلْنا: ذلك أولى التأويلين بالصوابِ؛ لأنه لا دَلالةَ في ظاهرِ التنزيلِ على أَنَّه أُمِر بخَلْعِهما من أجلِ أنهما من جلدِ حمارٍ، ولا لنجاستِهما، ولا خبرَ بذلك عمَّن تَلْزمُ بقولِه الحُجَّةُ، وأن في قولِه: ﴿إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ﴾ بعَقبِه، دليلًا واضحًا على أنه إنما أَمَره بخلعِهما لما ذكرنا.

ولو كان الخبرُ الذي حدَّثنا به بشرٌ، قال: ثنا خَلَفُ بنُ خليفةَ، عن حميدٍ، عن (٢) عبدِ اللهِ بن الحارثِ، عن ابن مسعودٍ، عن نبيِّ اللهِ ، قال: "يَوْمَ كَلَّمُ اللهُ مُوسى، كانَتْ عَلَيْه جُبَّةٌ صُوفٍ، وكِساءُ صُوفٍ، وسَرَاوِيلُ صُوفٍ، ونَعْلان مِن جِلْدِ حمارٍ غيرِ ذكيٍّ" (٣) - صحيحًا لم نَعْدُهُ إلى غيرِه، ولكنَّ في إسنادِه نَظَرًا يَجِبُ التثبُّتُ فيه.

واختلَفت القرأةُ في قراءةِ قولِه: ﴿إِنِّي أَنَا رَبُّكَ﴾؛ فقرأ ذلك بعضُ قرأةِ المدينةِ والبصرةِ: (نُودِيَ يا مُوسَى أَنِّي) بفتحِ الألفِ من "أَنِّى" (٤)، فـ "أنَّ" على قراءتِهم


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٢٩٣ إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٢) في ص، ت ١، م: "بن".
(٣) في م: "مذكي".
والحديث أخرجه الترمذى (١٧٣٤)، والحاكم ٢/ ٣٧٩ من طريق خلف بن خليفة به. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح علي شرط البخارى ولم يخرجاه. قال الذهبي معقبًا عليه: بل ليس على شرط البخاري، وإنما غره أن في الإسناد حميد بن قيس. كذا وهو خطأ إنما هو حميد الأعرج الكوفى ابن علي أو ابن عمار أحد المتروكين فظنه المكي الصادق.
(٤) هي قراءة ابن كثير وأبى جعفر. ينظر السبعة لابن مجاهد ص ٤١٧.