للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقولُ جلَّ ثناؤُه: فألقاها موسى، فجعَلها اللهُ حيَّةٌ تَسْعَى، وكانت قبلَ ذلك خشبةً يابسةً، وعصا يتوكَّأُ عليها موسى، ويهُشُّ بها على غنمِه، فصارت حيةً بأمرِ اللهِ.

كما حدَّثنا أحمدُ بنُ عَبْدةَ الضبِّيُّ، قال: ثنا حفصُ بنُ جُميعٍ، قال: ثنا سِماكُ بنُ حربٍ، عن عكرمةَ، عن ابن عباسٍ، قال: لما قيل لموسى: أَلْقِها يا موسى. ألقاها ﴿فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى﴾، ولم تكنْ قبلَ ذلك حيةً. قال: فمرَّت بشجرةٍ فأكَلتها، ومرَّت بصخرةٍ فابتلَعتها. قال: فجعَل موسى يسمَعُ وقعَ الصخرةِ في جوفِها. قال: فولَّى مُدْبِرًا، فنُودِىَ أن يا موسى خُذْها. فلم يأخُذْها، ثم نُودِيَ الثانيةَ: أن ﴿خُذْهَا وَلَا تَخَفْ﴾. فلم يأخُذْها، فقيل له في الثالثةِ: ﴿إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ﴾ [القصص: ٣١]. فأخَذها (١).

حدَّثني موسى بنُ هارونَ، قال: ثنا عمرٌو، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّديِّ، قال: قال له، يعني لموسى، ربُّه: ﴿أَلْقِهَا يَامُوسَى﴾ يعنى: عصاه. ﴿فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى﴾، ﴿فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ﴾. فنُودِيَ: ﴿يَامُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي (٢) لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ﴾ (٣) [النمل: ١٠].

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سلَمةُ، عن ابن إسحاقَ، عن وهبِ بن مُنبِّهٍ: ﴿قَالَ أَلْقِهَا يَامُوسَى (١٩) فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى﴾: تهتزُّ، لها أنيابٌ وهيئةٌ كما شاء اللهُ أن تكونَ، فرأى أمرًا فظيعًا، فولَّى مدبرًا ولم يعقِّبْ، فناداه ربُّه: يا موسى أقْبِلْ


(١) أخرجه ابن أبي حاتم - كما في تفسير ابن كثير ٥/ ٢٧٤ - من طريق أحمد بن عبدة به.
(٢) في الأصل، ت ٢: "إنه".
(٣) تقدم أوله في ص ١٩.