للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنما قالت أختُ موسى ذلك لهم لِما حدَّثنا موسى بنُ هارونَ، قال: ثنا عمرٌو، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّديِّ، قال: لما ألقَته أمُّه في اليمِّ وقالت لأختِه: قصِّيه. فلما التقَطه آلُ فرعونَ، وأرادوا له المرضِعاتِ، فلم يأخُذْ من أحدٍ من النساءِ، وجعَل النساءُ يطلُبْنَ ذلك لينزِلْنَ عند فرعونَ في الرَّضاعِ، فأبَى أن يأخُذَ، فقالت أختُه: ﴿هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ﴾ [القصص: ١٢]. فأخَذوها وقالوا: بل قد عرفتِ هذا الغلامَ، فدُلِّينا على أهلِه. فقالت: ما أعرِفُه، ولكنى إنما قلتُ: هم للملكِ ناصحون (١).

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سلَمةُ، عن ابن إسحاقَ، قال: قالت - يعنى أمَّ موسى لأختِه -: قُصِّيه فانظُرى ماذا يفعَلون به. فخرَجت في ذلك، ﴿فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ [القصص: ١١]. وقد احتاج إلى الرَّضاعِ والتَمس الثديَ، وجمَعوا له المراضعَ حينَ أَلْقَى اللهُ [محبتَهم عليه] (٢)، فلا يُؤْتَى بامرأةٍ فيقبَلُ ثَدْيَها، فيُرْمِضُهم (٣) ذلك، فيُؤْتَى بمُرْضِعٍ بعد مُرْضِعٍ، فلا يقبَلُ شيئًا منهن (٤)، فقالت لهم أختُه حينَ رأت من وَجْدِهم به وحرصِهم عليه: ﴿هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ﴾. أي: لمنزلتِه عندَكم وحرصِكم على مسرَّةِ الملكِ (٥).

وعنَى بقولِه: ﴿هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ﴾: هل أدلُّكم على من يضمُّه إليه


(١) تقدم أوله في ص ١٩، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٩/ ٢٩٤٩، ٢٩٥٠، من طريق عمرو به.
(٢) في ت ٢: "محبته عليهم".
(٣) أرمضه: أوجعه. ينظر التاج (ر م ض).
(٤) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، ف: "منهم".
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٩/ ٢٩٤٩، ٢٩٥٠، من طريق سلمة به.