للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اليهودُ: لن نَدْخُلَ النارَ إلَّا تَحِلَّةَ القَسَمِ عددَ الأيامِ التى عبَدنا فيها العِجْلَ. فقال اللهُ: ﴿أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللهِ عَهْدًا﴾ بهذا الذى تقولون، أَلَكُم بهذا حجةٌ وبرهانٌ، ﴿فَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ عَهْدَهُ﴾، فهاتُوا حجَّتَكم وبرهانَكم، ﴿أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ (١).

حدَّثنا أبو كُرَيْبٍ، قال: ثنا عثمانُ بنُ سعيدٍ، عن بشرِ بنِ عُمارةَ، عن أبى رَوْقٍ، عن الضَّحَّاكِ، عن ابنِ عباسٍ، قال: لما قالت اليهودُ ما قالت، قال اللهُ جلَّ ثناؤه لمحمدٍ : ﴿قُلْ أَتَّخَذْتُمْ﴾. يقولُ: أَدَّخَرْتُم ﴿عِنْدَ اللهِ عَهْدًا﴾. يقولُ: أقلتُم: لا إلهَ إلا اللهُ. لم تُشْرِكوا، ولم تَكْفُروا به، فإن كُنتُم قُلْتُموها فارْجُوا بها، وإن كنتم لم تقولوها فَلِمَ تقولون على اللهِ ما لا تعلمون؟ يقولُ: لو كنتم قلتُم: لا إلهَ إلا اللهُ. ولم تُشْرِكوا به شيئًا، ثم مُتُّمْ على ذلك لكان لكم ذُخْرًا عندى، ولم أُخْلِفْ وعْدى لكم أنى أُجازِيكم بها (٢).

حدثنى موسى، قال: ثنا عمرٌو، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّدِّىِّ، قال: لما قالت اليهودُ ما قالتْ، قال اللهُ ﷿: ﴿قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ عَهْدَهُ﴾. وقال في مكانٍ آخرَ: ﴿وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾ [آل عمران: ٢٤]. ثم أخبرَ الخبرَ فقال: ﴿بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً﴾.

وهذه الأقوالُ التى رَوَيْناها عن ابنِ عباسٍ ومجاهدٍ وقتادةَ، بنحوِ معنى ما قلنا في تأويلِ قولِه: ﴿قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللهِ عَهْدًا﴾؛ لأن مما أعطى اللهُ عبادَه مِن ميثاقِه أن مَن آمن به وأطاع أمْرَه نجَّاه مِن نارِه يومَ القيامةِ، ومِن الإيمانِ به الإقرارُ بأن لا إلهَ إلا


(١) أخرجه ابن أبى حاتم في تفسيره ١/ ١٥٧ (٨١٨) من طريق آدم به، وتقدم مختصرًا في ص ١٧٢.
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٨٥ إلى المصنف.