للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما ﴿بَلَى﴾ فإنها إقرارٌ في كلِّ كلامٍ في أولِه جَحْدٌ، كما "نَعَمْ" إقرارٌ في الاستفهامِ الذى لا جَحْدَ فيه. وأصلُها "بَلْ" التى هى رجوعٌ عن الجَحْدِ المحْضِ في قولِك: ما قام عمْرٌو، بل زيدٌ. فزِيدَتْ فيها الياءُ (١) لِيَصْلُحَ عليها الوقوفُ، إذ كانت (٢) عطفًا ورُجوعًا عن الجَحْدِ، ولتكونَ -أعنى "بَلَى" (٣) - رُجوعًا عن الجحْدِ فقطْ، وإقرارًا بالفعْلِ الذى بعدَ الجحْدِ، فدلَّت الياءُ منها على معنى الإقرارِ والأنعامِ (٤)، ودَلَّ لفظُ "بلْ" على الرجوعِ عن الجحدِ.

وأمَّا السيئةُ التى ذكَرها اللهُ في هذا المكانِ فإنها الشِّرْكُ باللهِ.

كما حدَّثنى محمدُ بنُ بَشَّارٍ، قال: ثنا يَحْيى بنُ سعيدٍ، عن سفيانَ، قال: حدثنى عاصِمٌ، عن أبى وائلٍ: ﴿بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً﴾. قال: الشركُ (٥).

حدَّثنى محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، وحدَّثنى المثنى، قال: ثنا أبو حذيفةَ، قال: ثنا شبلٌ، جميعًا عن ابنِ أبى نَجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً﴾: شركًا (٦).

حدثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً﴾. قال: أما السيئةُ فالشركُ (٦).


(١) يعنى الألف المقصورة أو اللينة؛ حيث إنها ترسم ياءً.
(٢) بعده في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "بل لا يصلح عليها الوقوف، إذ كانت".
(٣) في الأصل: "بَلْ".
(٤) هو التصديق والإقرار، من قول القائل: نعم. إذا أقر ما سمع.
(٥) بعده في م: "بالله".
والأثر ذكره ابن أبى حاتم في تفسيره ١/ ١٥٧ عقب الأثر (٨٢٣) عن أبى وائل معلقًا.
(٦) ذكره ابن أبى حاتم في تفسيره ١/ ١٥٧ عقب الأثر (٨٢٣) معلقًا، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٨٥ إلى عبد بن حميد.