للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن نكونَ أولَ من ألْقَى.

ولو قال قائلٌ: هو رفعٌ. كان مذهبًا، كأنه وجَّهه إلى أنه خبرٌ، كقول القائل (١):

فسِيرا (٢) فإما حاجةٌ تَقْضِيانِها … وإما مَقِيلٌ صالحٌ وصَدِيقُ

وقولُه: ﴿قَالَ بَلْ أَلْقُوا﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: قال موسى للسَّحَرةِ: بل ألْقُوا أنتم ما معكم قبلى.

وقولُه: ﴿فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى﴾. وفى هذا الكلام متروكٌ، وهو: فألْقَوْا ما معهم من الحبالِ والعِضِيِّ فإذا حبالُهم. تُرِك ذكرُه اسْتِغْناءً بدَلالة الكلام الذي ذُكر عليه عنه.

وذُكر أن السحرةَ سحَروا عينَ موسى وأعينَ الناسِ قبلَ أن يُلْقُوا حبالَهم وعصيَّهم، [ثم ألقَوْا حبالهم وعِصيَّهم] (٣) فخُيِّل حينئذٍ إلى موسى أنها تَسْعَى.

كما حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاقَ، قال: حُدِّثْتُ عن وهب بن مُنَبِّهٍ، قال: ﴿قَالُوا يَامُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى (٦٥) قَالَ بَلْ أَلْقُوا﴾: فكان أول ما اخْتَطَفوا بسحرهم بصرُ موسى وبصرُ فرعونَ، ثم أبصارُ الناس بعدُ، ثم ألْقَى كلُّ رجلٍ منهم ما في يده من العصيِّ والحبال، فإذا هي حيَّاتٌ كأمثال الجبال (٤)، قد مَلأت الواديَ، يَرْكَبُ بعضُها بعضًا (٥).

واختَلَفت القرأةُ في قراءةِ قوله: ﴿يُخَيَّلُ إِلَيْهِ﴾؛ فقرأ ذلك عامة قرأةِ


(١) معاني القرآن للفراء ٢/ ١٨٥.
(٢) في ت ٢: "فسيروا".
(٣) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣، ف.
(٤) في م، ت ٢: "الحبال".
(٥) تقدم أوله في ص ١٩.