للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقولُه: ﴿قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: قلنا لموسى إذ أحَسَّ (١) في نفسه خِيفةً: لا تَخَفْ إِنَّك أنت الأعْلَى على هؤلاء السحرة، وعلى فرعونَ وجنده، والقاهرُ لهم، ﴿وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا﴾. يقولُ: والْقِ عصاك [التي في يمينك] (٢) تَبْتَلِعْ حبالَهم وعصيَّهم التي سحَروها حتى خُيِّل إليك (٣) أنها تَسْعَى.

وقولُه: ﴿إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ﴾. [اختلفت القرأةُ في قراءة ذلك (٤)؛ فقرَأَته عامةُ قرأة المدينة والبصرة وبعضُ قرأة الكوفة: ﴿إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ﴾] (٥) برفعِ ﴿كَيْدُ﴾ وبالألف في ﴿سَاحِرٍ﴾. بمعنى: إن الذي صنَعَه هؤلاء السحرةُ كيدُ مَنْ يَسحَرُ (٦).

وقرَأ ذلك عامةُ قرأةِ الكوفة: (إنما صنعوا كيدُ سِحْرٍ) برفع "الكيد" وبغير الألف في "السحرِ". بمعنى: إن الذي صنعوه كيدُ سحرٍ (٧).

والقولُ في ذلك عندى أنهما قراءتان مشهورتان مُتَقاربتا المعنى، وذلك أن الكيدَ هو المكرُ والخُدْعةُ، فالساحرُ مَكْرُه وخُدْعتُه مِن سحرٍ يَسْحَرُه (٨)، ومكرُ السحرِ وخُدْعتُه تخييلُه (٩) إلى المسحور على خلاف ما هو به في حقيقتِه، فالساحرُ كائدٌ بالسحر، والسحرُ كائدٌ بالتَّخْييل، فإلى أيِّهما أضَفْتَ الكيد فهو


(١) في ص، م، ت ١، ت ٣، ف: "أوجس".
(٢) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٣، ف.
(٣) في ت ٢: "إليه".
(٤) في م: "قوله".
(٥) سقط من: ت ٢.
(٦) هي قراءة ابن كثير ونافع وأبى عمر وعاصم وابن عامر. السبعة لابن مجاهد ص ٤٢١.
(٧) هي قراءة حمزة والكسائي. المصدر السابق.
(٨) في ص، م، ت ١، ت ٣، ف: "يسحر".
(٩) في ص، م، ت ١، ت ٣، ف: "تخيله".