للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهب بن مُنَبِّهٍ، قال: لما قالت السحرةُ: ﴿آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى﴾. قال لهم فرعونُ، وأسف ورأى الغَلَبةَ البينةَ: ﴿آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ﴾. أي: لَعظيمُ السُّحَّارِ الذي علَّمَكم (١).

وقولُه: ﴿فَلأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ﴾. يقولُ: فَلأُقَطِّعَنَّ أَيديكم وأرجلَكم مُخالفًا بين قطع ذلك؛ وذلك أن يَقْطَعَ يمني اليدين ويسرى الرجلين، أو يسرى اليدين ويمنى الرجلين، فيكونُ ذلك قطعًا من خلافٍ. وكان فيما ذُكِر أول مَن فعَل ذلك فرعونُ، وقد ذكَرْنا الرواية بذلك (٢).

وقولُه: ﴿وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ﴾. يقولُ: ولأُصَلِّبَنَّكم على جُذوع النخل، كما قال الشاعرُ (٣):

هُمُ صَلَبوا العَبْدِيَّ في جِذْع نخلةٍ … فلا عطَسَت شَيْبانُ إلا بأجْدَعا

يعني: على جذع نخلةٍ. وإنما قيل: ﴿فِي جُذُوعِ﴾. لأن المصلوبَ على الخشبة يُرْفَعُ في طولها، ثم يَصِيرُ عليها، فيقالُ: صُلب عليها.

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادة قولَه: ﴿وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ﴾: لما رأى السحرةُ ما جاء به عرَفوا أنه من الله، فخرُّوا سجَّدًا وآمَنوا، عند ذلك قال عدوُّ الله: ﴿لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ﴾ الآية [الأعراف: ١٢٤].

حدَّثنا موسى بنُ هارونَ، قال: ثنا عمرٌو، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ، قال فرعونُ: ﴿فَلأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ﴾:


(١) تقدم أوله في ص ١٩.
(٢) ينظر ما تقدم في ص ١١٣.
(٣) نسبه في الأزهية ص ٢٧٨، واللسان (ع ب د، ش م س) إلى سويد بن أبي كاهل اليشكري، وكذا نسبه في حاشية نسخة من مجاز القرآن ٢/ ٢٣، ٢٤. ونسبه في الخصائص ٢/ ٣١٣، واللسان (ف ى ى) إلى امرأة من العرب.