للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال آخرون في ذلك بما حدَّثنا موسى، قال: ثنا عمرٌو، قال: ثنا أسباط، عن السديِّ، قال: أخذ السامريُّ مِن تُربةِ الحافر، حافرِ فرس جبريل، فانطلق موسى واسْتَخْلَفَ هارون على بنى إسرائيلَ، وَوَاعَدَهم ثلاثين ليلة، وأتمَّها اللهُ بِعَشْرٍ، فقال لهم هارون: يابني إسرائيل إن الغنيمة لا تحلُّ لكم، وإن حُليَّ القبط إنما هو غنيمةٌ، فاجمعوها جميعًا، فاحْفروا لها حُفْرةً فادفنوها، فإن جاء موسى فأحَلَّها أَخَذْتُموها، وإلا كان شيئًا لم تأكلوه. فجمعوا ذلك الحليَّ في تلك الحفرة، وجاء السامريُّ بتلك القبضة فقَذَفها، فأَخْرَج الله مِن الحُليِّ عِجْلًا جَسَدًا له خوارٌ، وعَدَّت بنو إسرائيل موعِدَ موسى، فعَدُّوا الليلة يومًا، واليومَ يومًا، فلمَّا كان لعشرين (١) خرَج لهم العجلُ، فلمَّا رَأَوْه قال لهم السامريُّ: ﴿هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ﴾. فعكفوا عليه يعبُدونه، وكان يخورُ ويمشى. ﴿فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ﴾: ذلك حين قال لهم هارونُ: احْفِروا لهذا الحليِّ حُفْرةً واطْرَحوه فيها. فطَرَحوه، فقَذَف السامريُّ تُربَتَه (٢).

وقوله: ﴿فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى﴾. يقولُ: فقال قوم موسى الذين عَبدوا العجلَ: هذا مَعْبُودُكم ومعبود موسى.

وقوله: ﴿فَنَسِيَ﴾ يقولُ: فَضَلَّ وتَرَك.

ثم اختلف أهل التأويل في قوله: ﴿فَنَسِيَ﴾. من قائلُه، ومَن الذي وُصِف به، وما معناه؟ فقال بعضُهم: هذا خبرٌ من الله عن السامريِّ، والسامريُّ هو الموصوف بهِ. قالوا: ومَعْناه أنَّه ترك الدِّينَ الذي بعث الله به موسى، وهو الإسلام.


(١) في الأصل، ص، ت ١، ت ٢، ف: "العشرين". وفى نسخة من تاريخ المصنف: "العشر".
(٢) تقدم أوله في ص ١٩، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٣٠٦ إلى ابن أبي حاتم.