للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله: ﴿وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلًا﴾. يقولُ: بئسمَا حَمَلوا (١).

حدَّثني محمد بن سعد، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ قوله: ﴿وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلًا﴾: يعنى بذلك ذنوبهم.

وقوله: ﴿يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: وساء لهم يوم القيامةِ، يوم ينفخُ في الصور. فقوله: ﴿يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ﴾ رَدٌّ على ﴿يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾.

وقد بيَّنَّا معنى النَّفْخِ في الصور، وذكرنا اختلاف المختلفين في معنى الصور، والصحيح في ذلك من القول عندنا بشواهده المُغنية عن إعادته في هذا الموضع قبلُ (٢).

واختلفت القرَأَةُ في قراءة ذلك؛ فقرأته عامة قرأَةِ الأمصارِ: ﴿يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ﴾. بالياءِ وضَمَّها (٣)، على وجهِ (٤) ما لم يُسَمَّ فاعلُه، بمعنى: يومَ يَأْمُرُ اللهُ إسرافيلَ فينفخُ في الصور. وكان أبو عمرو بن العلاء يقرأُ ذلك: (يَوْمَ نَنْفُخُ فِي الصُّورِ). بالنون، بمعنى: يومَ ننفخُ نحن في الصور. وكأنَّ الذي دعاه إلى قراءة ذلك كذلك طَلَبُه التوفيق بينه وبين قوله: ﴿وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ﴾. إذ كان لا خلاف بين القرأَةِ في ﴿وَنَحْشُرُ﴾ أنها بالنون.

والذي أختارُ في ذلك من القراءة: ﴿يَوْمَ يُنْفَخُ﴾. بالياء، على وَجْهِ ما لم يُسمَّ فاعلُه؛ لأن ذلك هو القراءة التي عليها قرأةُ الأمصار، وإن كان للذى قرأ به (٤) أبو


(١) تقدم تخريجه في ص ١٥٤.
(٢) ينظر ما تقدم في ٩/ ٣٣٩ - ٣٤١.
(٣) وهى قراءة نافع وابن كثير وعاصم وابن عامر وحمزة والكسائي، وقرأ أبو عمرو بالنون كما سيأتي. ينظر حجة القراءات ص ٤٦٣.
(٤) سقط من: ص، م، ت ١، ف.