للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى (١١٩) فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَاآدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى (١٢٠)﴾.

يقولُ تعالى ذكره مُخْبِرًا عن قيله لآدم حين أسكنه الجنةَ: إن لك يا آدم، ﴿أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى﴾. و"أن" في قوله: ﴿أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا﴾. في موضع نصبٍ بـ ﴿إِنّ﴾ التي في قوله: ﴿إِنَّ لَكَ﴾.

وقوله: ﴿وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا﴾. اخْتَلَفت القرأة في قراءتها؛ فقرأ ذلك بعضُ قرأة المدينة والكوفة بالكسر: (وإنك) (١) على العطف على قوله: ﴿إِنَّ لَكَ﴾. وقرأ ذلك بعضُ قرأة المدينة وعامة قرأة الكوفة والبصرة: ﴿وَأَنَّكَ﴾ (٢) بفتح ألفها عطفًا بها على "أنْ" التي في قوله: ﴿أَلَّا تَجُوعَ﴾. ووجَّهوا تأويل ذلك إلى: أن لك هذا وهذا، وهذه القراءة أعجبُ القراءتين إليَّ؛ لأن الله تعالى ذكرُه وعد ذلك آدم ﵇ حينَ أسْكَنه الجنةَ، فكَوْنُ ذلك بأن يكون عطفًا على: ﴿أَلَّا تَجُوعَ﴾ أَوْلى من أن يكون خبرًا مبتدأً، وإن كان الآخرُ غير بعيدٍ من الصواب.

وعُنِي بقوله: ﴿لَا تَظْمَأُ فِيهَا﴾: لا تَعْطَشُ في الجنة ما دُمْتَ فيها، ﴿وَلَا تَضْحَى﴾. يقولُ: ولا تَظْهَرُ للشمس فيُؤذيك حرُّها. كما قال عمر بن أبى ربيعة (٣):

رأَتْ رَجُلًا أَمَّا إذا الشمس عارَضَتْ … فيَضْحَى وأمَّا بالعَشِيِّ فَيَخْصَرُ (٤)

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.


(١) وهى قراءة نافع وأبى بكر. حجة القراءات ص ٤٦٤.
(٢) وهى قراءة ابن كثير وحفص وأبى عمرو وابن عامر وحمزة والكسائى وأبى جعفر ويعقوب وخلف. النشر ٢/ ٢٤٢.
(٣) شرح ديوانه ص ٩٤.
(٤) خَصِرَ الرجل: آلمه البرد في أطرافه. اللسان (خ ص ر).