للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتى الصَّباحِ تُعمِلُ الأقْتارَا

وقال آخرون في ذلك ما حدَّثنا به بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولهَ: ﴿كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾. أي: في فَلَكِ السماءِ.

حدَّثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا محمدُ بن ثور، عن معمرٍ، عن قتادةَ: ﴿كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾. قال: يَجْرى في فَلَكِ السماءِ كما رأيتَ (١).

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾. قال: الفَلَكُ الذي بينَ السماءِ والأرضِ مِن مجارى النُّجومِ والشَّمسِ والقَمرِ. وقرأ: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا (٦١)[الفرقان: ٦١]. وقال: تلك البروجُ بينَ السماءِ والأرضِ، وليست في الأرضِ، ﴿كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾. قال: فيما بينَ السماءِ والأرضِ؛ النجومُ والشمسُ والقمرُ (٢).

وذُكِر عن الحسنِ أنَّه كان يقولُ: الفَلَكُ طاحونةٌ كهيئةِ فَلَكَةِ المِغْزَلِ (٣).

والصوابُ من القولِ في ذلك أن يُقالَ كما قال اللهُ ﷿: ﴿كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾. وجائزٌ أن يكونَ ذلك الفَلَكُ كما قال مجاهدٌ كحديدةِ الرَّحَى، وكما ذُكِر عن الحسنِ كطاحُونَةِ الرَّحَى، وجائزٌ أن يكونَ موجًا مَكْفُوفًا، وأن يكونَ قُطْبَ السماءِ، وذلك أن الفَلَكَ في كلامِ العربِ هو كلُّ شيءٍ دائرٍ، فَجَمْعُه أَفْلَاكٌ. وقد ذكَرتُ قولَ الراجزِ:


(١) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٢٣، ٢٤ عن معمر، عن قتادة.
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٣١٨ إلى المصنف وابن أبي حاتم، وينظر تفسير القرطبي ١١/ ٢٨٦.
(٣) أخرجه ابن عيينة في تفسيره - كما في تغليق التعليق ٤/ ٢٥٧ عن عمرو، عن الحسن.