للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، عن ابن جُرَيجٍ، عن مجاهدٍ مثلَه.

قال أبو جعفرٍ : وقد بَيَّنا فيما مضَى قبلُ، أن النافلةَ: الفضلُ مِن الشيءِ، يصيرُ إلى الرجلِ مِن أيِّ شيءٍ كان ذلك (١)، وكِلَا وَلدَيه إسحاقَ ويعقوبَ كان فضلًا مِن اللَّهِ تَفَضَّل به على إبراهيمَ، وهِبةً منه له. وجائزٌ أن يكونَ عنَى به أنه آتاهما إياه جميعًا نافلةً منه له، وأن يكونَ عنَى أنه آتاه نافلةً يعقوبَ. ولا برهانَ يَدُلُّ على أيِّ ذلك المرادُ مِن الكلامِ، فلا شيءَ أَوْلَى أن يقالَ في ذلك مما قال اللهُ: ووَهَب اللهُ لإبراهيمَ إسحاقَ ويعقوبَ نافلةً.

وقولُه: ﴿وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ﴾. [يقولُ: وكلُّهم جعَلنا صالحين] (٢). يعني: عاملين بطاعة الله، مُجْتَنِبين محارمَه.

وعنَى بقولِه: ﴿وَكُلًّا﴾: إبراهيمَ وإسحاقَ ويعقوبَ.

وقولُه: ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: وجعَلنا إبراهيمَ وإسحاقَ ويعقوبَ أئمةً يُؤتَمُّ بهم في الخيرِ في طاعةِ اللهِ في اتِّباعِ أمْرِه ونَهْيِه، ويُقتدى بهم ويُتَّبَعون عليه.

كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا﴾: جَعَلهم اللهُ أئمةً يُقتدَى بهم في أمرِ اللَّهِ (٣).

وقولُه: ﴿يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا﴾. يقولُ: يَهْدُون الناسَ بأمرِ اللَّهِ إِيَّاهم بذلك، ويَدْعُونهم إلى اللَّهِ وإلى عبادتِه.


(١) ينظر ما تقدم في ١١/ ١٠.
(٢) سقط من: م، ف.
(٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٣٢٣ إلى المصنف وابن المنذر وابن أبي حاتم.