للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن يصومَ النهارَ، ويقومَ الليلَ، ولا يَغْضَبَ؟ فقام شابٌّ فقال: أنا. فقال: اجْلِسْ. ثم عاد فقال: مَن يَكْفُلُ (١) لى أن يقوم الليلَ، ويصوم النهارَ، ولا يَغْضَبَ؟ فقام ذلك الشابُّ فقال: أنا. فقال: اجْلِسْ. ثم عاد فقال: مَن يَكْفُلُ (١) لى أن يقومَ الليلَ، ويصومَ النهارَ، ولا يَغْضَبَ؟ فقام ذلك الشابُّ فقال: أنا. فقال: تقومُ الليلَ، وتصومُ النهارَ، ولا تَغْضَبُ؟ فمات ذلك النبيُّ، فجلَس ذلك الشابُّ مكانَه يَقْضِى بينَ الناسِ، فكان لا يَغْضَبُ، فجاءه الشيطانُ في صورةِ إنسانٍ ليُغْضِبَه، وهو صائمٌ يُرِيدُ أن يَقِيلَ (٢)، فضرَب البابَ ضربًا شديدًا، فقال: مَن هذا؟ فقال: رجلٌ له حاجةٌ. فأَرْسَل. معه رجلًا، فقال: لا أَرْضَى بهذا الرجلِ. فأرْسَل معه آخرَ، فقال: لا أَرْضَى بهذا. فخرَج إليه، فأَخَذ بيدِه، فانْطَلَق معه، حتى إذا كان في السوقِ خلَّاه وذهَب، فسُمِّى ذا الكِفْلِ (٣).

حدَّثنا ابن المثنى، قال: ثنا عفانُ بنُ مسلمٍ، قال: ثنا وُهَيْبٌ، قال: ثنا داودُ، عن مجاهدٍ، قال: لما كبِر الْيَسَعُ قال: لو أنى اسْتَخْلَفْتُ رجلًا على الناسِ يَعْمَلُ عليهم في حياتى حتى أَنْظُرَ كيف يَعْمَلُ. قال: فجمَع الناسَ، فقال: مَن يَتَقَبَّلْ (٤) لى بثلاثٍ أَسْتَخْلِفه؛ يصومُ النهارَ، ويقومُ الليلَ، ولا يَغْضَبُ؟ قال: فقام رجلٌ تَزْدَرِيه العينُ، فقال: أنا. فقال: أنت تصومُ النهارَ، وتقومُ الليلَ، ولا تَغْضَبُ؟ قال: نعم. فردَّهم ذلك اليومَ، وقال مثلَها اليومَ الآخرَ، فسكَت الناسُ، وقام ذلك الرجلُ، فقال: أنا. فاسْتَخْلَفه. قال: فجعَل إبليسُ يقولُ للشياطينِ: عليكم


(١) في م، ت ٢: "تكفل".
(٢) في ت ١: "يفتن".
(٣) أخرجه ابن عساكر ١٧/ ٣٧٣ من طريق سفيان به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٣٣٢ إلى عبد بن حميد وابن أبي الدنيا في ذم الغضب وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٤) في ف: "يقبل"، وفى الدر: "يتكفل"، ويتقبل، من قَبَل - بالفتح -: إذا كَفَل، وقَبُل - بالضم - إذا صار قبيلا: أي كفيلا. وينظر النهاية ٤/ ١٠.